(فِي عِلْمَيِ) هذا متعلق بقوله: (أَرْجُوزَةً) أن أنظم ماذا؟ (أَرْجُوزَةً) التي في الشطر المصراع الثاني، البيت الثاني مفعولٌ به، والعامل في (أَنْظِمَا)، أنَظِّمُ ماذا؟ (أَرْجُوزَةً) (فِي عِلْمَيِ) إذًا في علمي هذا جار مجرور متعلق بقوله: (أَرْجُوزَةً)، (أَرْجُوزَةً) (فِي عِلْمَيِ)، (فِي عِلْمَيِ) متعلق بقوله: (أَرْجُوزَةً). الآتي مثنى علمٍ حذفت نونه للإضافة لما بعده (عِلْمَيِ الْبَيَانِ وَالمَعَانِي)، الأصل المعاني والبيان، المعاني هو المتقدم والبيان لاحق، لأن البيان لا يتحقق إلا بدرك المعاني، فهو جزءٌ فيه في حقيقته - كما سيأتي - ولكن هنا قدم البيان على المعاني وإن كان هو متأخرًا على المعاني لأجل الوزن لا لكونه متقدمًا عليه في الوجود، لا، المتقدم في الوجود أولاً هو المعاني، ثم يأتي بعد ذلك علم البيان، وقوله: (الْبَيَانِ). يعني: الآتي تعريفه فما سيأتي، (وَالمَعَانِي) الآتي تعريفه، (أَرْجُوزَةً) هذا مفعول ... (أَنْظِمَا) أفعولة يعني: وزنها أفعولة من الرجز تحريك البحر المشهور وهو مبنيٌ في الدائرة من مستفعلٍ ست مرات، قال الخليل: سُمِّيَ رجزًا لاضطرابه، والعرب تسمي الناقة التي يرتعش فخذاها رَجْزًا. لأنه فيه نوعٌ من الاضطراب، من التَّرجز يسمى رَجَزًا، لذلك (الْحَمْدُ لِلّهِ وَصَلَّى اللهُ) فيه رجز، ووصف الأرجوزة بقوله: (لَطِيفَةَ المَعَانِي). أي: دقيقة المعاني، (لَطِيفَةَ) يقال لَطُفَ الشيء من باب ظَرُفَ أي: صَغُرَ فهو لطيفٌ لطفًا ولطافة # 1.13.16 ... هذا في الأصل واللطيف من الكلام الدقيق المعنى، (أَرْجُوزَةً لَطِيفَةَ المَعَانِي) أي: دقيقة المعاني فمعانيها دقيقة حينئذٍ يكون من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي المعاني الدقيقة دقيقة المعاني المعاني الدقيقة، فقوله: (لَطِيفَةَ المَعَانِي) بالنصب على أنه نعت لـ (أَرْجُوزَةً)، وهو مضاف (وَالمَعَانِي) مضافٌ إليه، لوجازة لفظها وكثرة معناها، لأن هذا اللطيف من الشيء إنما يكون لدقة المعنى متى؟ إذا قلت الحروف والكلمات، ولذلك يُعَبّر عن المختصر بأنه ما قل لفظه وكثر معناه، وهذا مثله، والمعاني جمع معنى وهو ما يقصد من اللفظ، ما يُعنى من اللفظ، يعني: مدلول اللفظ ما يُقصد من اللفظ يُسَمَّى معنى، زيد هذا لفظٌ، مفهومه ومدلوله ومسماه ذاته، ذاته هو المقصود من اللفظ، يُسمى معنًى، ثم هذا المقصود قد يكون حسيًا وقد يكون معنويًا، وهذا يفيدك في التشبه الحسيّ والمعنويّ .. إلى آخره، فقد يكون حسيًّا مثل زيد، زيدٌ لفظٌ مدلوله ماذا؟
ذات، إذًا شيءٌ مشاهد محسوس في الخارج، عِلْم هذا ليس مدلوله أو مفهومه اللفظ أو شيءٌ حسي، ليس مدلوله شيءٌ حسي وإنما هو شيءٌ معنوي.
وقوله هنا: (عِلْمَيِ الْبَيَانِ وَالمَعَانِي) علميِ المعاني والبيان، قَدَّمَ وأخَّر لِمَا ذكرنا.
لم يذكر البديع، وهي أرجوزة - كما ذكرناه - ذكر الثلاثة الفنون، ترى أحد عشر بيتًا في علم البديع مع كونه خص هنا في المقدمة بأنها خاصةٌ بعلمي المعاني والبيان، فأين البديع؟