قلنا: الحال المراد بها المنتقلة احترازًا عن المؤكدة لمضمون الجملة فإنها لا يجوز أن توصل البتة، بل الفصل متعين في كل حال، فإنها لا تدخلها الواو أبدًا لشدة ارتباطها بما قبلها كقوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً} [النساء: 79] قد تأتي جملة وقد تأتي مفردة، فهذه الحال المؤكِّدة لعاملها لفظًا ومعنًى.
(وَإِنْ مُرَجِّحٌ تَحَتَّما) إن وُجِدَ مرجح ينقل عن الأصل وهو الفصل إلى الوصل حينئذٍ (تَحَتَّما) يعني صار العدول إلى الوصل هو الأصل، (وَإِنْ) يعني (وَإِنْ) يكن (مُرَجِّحٌ) للفصل على الوصل أو للوصل على الفصل (تَحَتَّما) بألف الإطلاق، أي وجب الفصل وامتنع دخول الواو، وذلك بأن كانت الجملة فعلية والفعل مضارع مثبت، التفاصيل هذا يذكرها النحاة في آخر باب الحال وفيها تفاصيل كثر تُرْجَع إليها. إذا كانت الجملة جملة حالية فعلية وفعلها مضارع مثبت، يعني غير منفي حينئذٍ يجب الاكتفاء بالضمير لأنه أصل في الربط، جاء زيد يضحك. جاء زيد ويضحك؟ نقول: لا، هذا لا يصح. لماذا؟ لكون الحال هنا جملة فعلية فعلها مضارع وهو مثبت، حينئذٍ أين الرابط؟ الضمير المستتر يضحك هو أي زيد، فيكتفى بالضمير عن الواو، لأنه أصل في الربط. ومثَّلَ له البيانيون بقوله تعالى: {وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] أي لا تعطي حال كونك تعد ما تعطيه كثيرًا. والمثال الذي ذكرناه واضح. أيضًا وإن يكن مرجحًا للوصل
(تَحَتَّما) أيضًا الوصل فيؤتى بالواو، وضابطه كل جملة خلت عن ضمير يربطها بصاحبها بالواو ليحصل ارتباط بصاحبها فلا يجوز، خرجت زيد قائم، يعني إذا خلت الجملة عن ضمير تعينت الواو، إذا وجد الضمير حينئذٍ قد يجوز الواو وقد لا يجوز، يعني مختلف فيه له أوضاع وأحوال، وإن خلت الجملة عن الضمير تعينت الواو، لماذا؟ لأن الحالية كالجملة الخبرية لا بد لها من رابط يربطها بالمبتدأ، هنا لا بد من رابط يربطها بصاحب الحال، فإذا قلت: خَرَجْتُ زَيْدٌ قَائِم. أين الضمير؟ ليس عندنا ضمير. إذًا وجب الوصل بالواو، خَرَجْتُ وَزَيْدٌ قَائِمٌ، الواو هذه واو الحال، والتفاصيل هذه تؤخذ من كتب النحو.
ثم قال الناظم رحمه الله تعالى:
(الْبَابُ الثَّامِنُ: الإِيجَازُ وَالإِطْنَابُ)