{فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ} ... [الأعراف: 131] {فَإِذَا جَاءتْهُمُ}، {وَإِن تُصِبْهُمْ} انظر هنا التعبير بـ (إِذَا) في الحسنة والتعبير بالمصبية بـ أو الإصابة بالسيئة جاء بـ (إِنْ) أتى في الحسنة بـ (إِذَا) ولفظ الماضي أما المعنى فهو مستقبل، لماذا؟ لأن وقوعها مجزومٌ به، الحسنة واقعة لأن المراد بها النعم ونعم الله تعالى لا تنفك عن الخلق، {فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ} إذًا الحسنة واقعةٌ واقعة، وفي السيئة: {وَإِن تُصِبْهُمْ} جاء بـ (إِنْ) والفعل المضارع إشارةً إلى ندورها، والسيئة هي ما يسوء الإنسان، ولهذا نُكِّرَتْ إشارةً إلى التقليل بخلاف الحسنة، فإذا جاءتهم الحسنة جاء بال للكمال {وَإِن تُصِبْهُمْ} إذًا القليل هو إصابة السيئة، وقد تخرج (إِنْ) عن أصلها فتستعمل في المجزوم به، كالتجاهل مثلاً كقول الابن لمن يسأل عن أبيه: إن كان في الدار أخبرتك. هذا فيه إيهام وتجاهل بأنه ليس في الدار، وإنما الأصل أن يقول: إذا كان في الدار أخبرتك. لأنه متحقق الوقوع بأنه في الدار لكن أراد أن يخرج الخبر مخرج المشكوك فيه أو النادر لأنه ليس واقعًا، فالأصل في إذا للجزم وقد تخرج عنه، والأصل في (إِنْ) لعدم الجزم وقد تخرج عنه يأتي لـ الشيء المجزوم به ولذلك قال: (أَصْلٌ)، (وَالجَزْمُ أَصْلٌ). إذًا يفهم منه أن الأصل هذا قد ينتفي فتأتي (إِذَا) لغير الجزم، وعدم الجزم أصلٌ في (إِنْ) وقد يخرج هذا الأصل عن أصله فيكون فرعًا.
(وَلَوْ) وأما (لَوْ) فقول الجمهور: إنها حرف امتناعٍ لامتناع. وفسرها الأكثر بأن المراد امتناع الثاني لامتناع الأول، انتبه! حرف الامتناع لامتناع، ثم امتناع ماذا الأول للثاني أو الثاني للأول؟ امتناع الثاني لامتناع الأول، لو جاء زيدٌ أكرمتك. ما الذي يفهم امتناع الإكرام لامتناع مجيء زيد. إذًا امتنع الثاني الذي جوابه (لَوْ) لامتناع الأول الذي هو مجيء زيد. وقول الناظم (وَلَوْ) أي: وليس الجزم بوقوع الشرط أيضًا أصلٌ في (لَوْ)، (لاَ إِنْ وَلَوْ) يعني: (لَوْ) مدخول لا، يعني: لا يكون الجزم أصلاً في (إِنْ) ولا يكون الجزم أصلاً في (لَوْ) أي: وليس الجزم بوقوع الشرط أيضًا أصلٌ في (لَوْ) بل هي لتعليق حصول مضمون الجزاء بحصول مضمون الشرط فرضًا في الماضي مع القطع بانتفاء الشرط فيلزم انتفاء الجزاء كما تقول: لو جئتني أكرمتك. هذا معلق على الإكرام بماذا؟ بالمجيء مع القطع بانتفاء المجيء فيلزم انتفاء الإكرام، فهي امتناعٌ لامتناع، يعني امتناع الثاني أعني: الجزاء لامتناع الأول أعني الشرط، فالجزاء منتفٍ بسبب انتفاء الشرط. الجزاء منتفٍ بسبب انتفاء الشرط، وهذا معنى قول الجمهور - جمهور النحاة - السابق أنها حرف امتناعٍ لامتناع.