(وَقَدْ) يأتي (عَلَى خِلاَفِ)، (وَقَدْ) (عَلَى خِلاَفِ) مقتضى ... (الظَّاهِرِ) لاقتضاء الحال إياه (يَأْتِي) ما هو؟ (وَقَدْ) يأتي (عَلَى خِلاَفِ) مقتضى الظاهر، ما هو الذي يأتي؟ المسند إليه [نعم المسند إليه]، قد يأتي المسند إليه والعارض له الحذف ومقتضى الظاهر أنه يذكر فحينئذٍ جاء خلاف مقتضى الظاهر، لنكتةٍ فمن ذلك قالوا: وضع المضمر موضع الظاهر، قد يقتضي الكلام أن تعبر بالاسم بالظاهر فتأتي بالضمير، والعكس بالعكس، كقوله: نِعْمَ عبدًا ما كان نعم العبد، العبد عبدًا أين الاسم الظاهر؟ وأين الضمير؟ نِعْمَ العبد، العبد اسم ظاهر، قد تعدل عن هذا الظاهر وتقول: نِعْمَ عبدًا أين الضمير؟ نِعْمَ هو عبدًا، إذًا عدلت عن التصريح بالعبد وجئت به مضمرًا، يعني: ضميرًا، إذ المقام يقتضي الإظهار لعدم تقدم المسند إليه، فأضمر معادًا إلى مُتَعَقَّلٍ في الذهن والتزم تفسيره بنكرةٍ ليُعْلَمَ جنس المتعقل، يعني: قد تقول: نِعْمَ عبدًا، والأصل أن تقول: نِعْمَ العبد، فتَعْدِل عنه فتقول: نِعْمَ عبدًا، عدلت عن الاسم الظاهر إلى الضمير، ما الذي سوَّغ لك ذلك؟ كونك جئت بنكرةٍ، وهذه النكرة تعتبر مفسرة لمرجع الضمير، لأن الضمير في الأصل يرجع إلى متقدم، وهناك [ستة أحوال أو $$ 1.07.11] ستُ أحوال يرجع الضمير إلى متأخر منها هذا الضمير، نِعْمَ عبدًا. عاد الضمير إلى عبدًا ولم يعد إلى متقدم، فلما كان كذلك حينئذٍ وضع الضمير موضع الاسم الظاهر، ومثَّل الناظم بمثالين للخروج عن جاء مقتضى الظاهر، الأول أشار إليه بقوله: (كَالأُولَى). الأولى يعني: كونه أولى بالقصد والإرادة، أي: من خلاف المقتضى أي: مقتضى الظاهر مجاوبة المخاطب بغير ما ترقب، يعني: يسأل السائل أو يطلب بلسانٍ مقاله يطلب كلامًا فأجيبه بغير ما سأل، هذا يُسَمّى ماذا؟ الأسلوب الحكيم ... [سماه السكاكي (المغالطة)] (?) مجاوبة المخاطب بغير ما يترقب، وسماه الجرجاني (المغالطة) ليس السكاكي، والسكاكي الأسلوب الحكيم وذلك بحمل كلامه على خلاف قصده، تنبيهًا على أنه أولى بالقصد، كمن يسأل عن شيءٍ لا يختص به فتجيبه بجوابٍ يتعلق به، كأنك تقول: كان الأولى بك أن تسأل عما أجبتك به، وأما ما سألت عنه فهذا تعديل عنه، كقول الْقَبَعْثَرَى وقد قال له الحجاج متوعدًا: لأحملنك على الأدهم. قصد به الحديد، فحمله القَبَعْثَرَى على الخيل: مثل الأمير يحمله على الأدهم والأشهب. هذا حَمَلَ ماذا؟ حَمَلَ كلام المتكلم على خلاف مقتضى الظاهر، لأن مقتضى الظاهر أن الأدهم مراد به الحديد، فقال له: مثل الأمير يحمله على الأدهم والأشهب. أراد الحجاج أن يقيده فتلقاه القَبَعْثَرَى بغير ما ترقبه من فهمه التوعد بألطف وجهٍ مشيرًا إلى أن من كان مثله في السلطة والسعة إنما يناسبه أن يجود بأن يحمل على الأدهم والأشهب من الخيل، لا أن يقيد. فقال له الحجاج: إنه حديد. فقال: لأن يكون حديدًا خيرٌ من أن يكون بليدًا. حديد قال له: لأن يكون حديدًا أولى من أن يكون بليدًا. ومنه إجابة السائل بغير ما يتطلب تنبيهًا على أنه الأولى أو الأهم.