لذلك قال: لاسيما ولا مقتضي للعدول عنه إذ لو وجد أمر يقتضي العدول عن ذلك الأصل فإنه يُلغى - يعني: التقديم - ولا يقدم المسند إليه على المسند كما في الفاعل مع فعله، فإن مرتبة العامل الذي هو الفعل مثلاً التقديم على المعمول كالفاعل، لأن الكلام في المسند إليه يعم المبتدأ والفاعل، المبتدأ واضح أنه متقدم فقام زيد هنا متأخر، لماذا تأخر؟ لوجود المقتضي، ما هو المقتضي؟ أنه فاعل، وكونه فاعلاً بمعنى أنه لا يتقدم على عامله، وبعد فعل فاعل، وهذا يبحث في كتب النحو، وكما لو تضمن الخبر استفهامًا ما نحو: أين زيدٌ حينئذٍ تقول ماذا؟ أين زيدٌ؟ أين مبتدأ، زيدٌ وأين الخبر؟ أين، إذًا لماذا؟ تأخر هنا لوجود المقتضي وهو كون الخبر متضمنًا الاستفهام، والاستفهام له الصدارة في الكلام، حينئذٍ وجب تقديمه، ولهذا الموضع من المواضع وجوب تقديم الخبر على المبتدأ، أين زيدٌ؟ فإنه من مقتضيات العدول عن الأصل .. وهكذا. والتمكين فالأصل والتمكين أن يكون التقدير للمسند إليه بالتمكين أي: التَّمَكُّن يعني: تمكن الخبر في ذهن أو تمكن الخبر في ذهن السامع، تمكن الخبر في ذهن السامع لأن في المبتدأ تشويقًا إليه أي: للخبر وذلك إذ وصف المبتدأ بوصف غريب مشوقٍ إلى معرفة خبره، ولا شك أن حصول الشيء بعد التشوق إليه أوقع في النفس من غيره، بمعنى أنك تقدم المبتدأ على الأصل لوجود مقتضٍ وهو ماذا؟ أن فيه شيئًا يدل على التشويق، وهذا التشويق يمهد للخبر حينئذٍ هذه الفائدة مشتركة بين المبتدأ والخبر، فحينئذٍ إذا جاء الخبر بعد التشوق تمكن في النفس كما قال الشاعر:
والذي حارت البرية فيه
هذا مبتدأ، هذا يجعل الإنسان عندما يسمع هذا الكلام من هو الذي حارت البرية - إنسان - حيوانٌ مستحدثٌ من جماد
جاء الخبر حينئذٍ تمكن في النفس، فقدم المبتدأ وهو الموصول [وصل معنى نعم] (?) وهو الموصول لما وصله بجملة قوله:
حارت البرية فيه