إذًا أثبت القيام لزيد وحصرته في زيد ونفيت القيام عن غير زيد، بماذا حصل؟ بضمير الفصل كأنك قلت: ما قائم إلا زيد، والزيدان هما قائمان انظر ثنيت هما، والزيدون هم القائمون {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} أي: لا غيرهم. {فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} [الشورى: 9] أي: لا غيره. واضح هذا؟
لما فرغ الناظم من الكلام عن إتباع المسند إليه بأحد التوابع المتقدم بيانها أو ما يتصل بذلك أو ضمير الفصل شرع بالكلام على تقديمه والأصل ويقال: تأخيره
فقال:
............ والتَقْدِيمُ ... فَلاِهْتِمَامِ يَحْصُلُ التَّقْسِيمُ
كَالأَصْل وَالتَّمْكِينِ وَالتَّعَجُّلِ ... .............................
تقديم المسند إليه هذا تابع لذاته، فصل بينهما الناظم تبعًا للقزويني في ... ((التلخيص)). (والتَقْدِيمُ) يعني: المسند إليه على غيره من أجزاء الكلام، والمراد هنا من التقديم إراده مقدمًا يعني: لا يتأخر، لأنك تقول: في الدار زيد، زيد في الدار. متى تُقَدِّمُ ومتى تؤخر؟ هنا يبحث البيانيون، ... (فَلاِهْتِمَامِ) به يعني: يقدم المسند إليه لقاعدة عامة وهو أنه مهم، ثم هذه الأهمية لها أسباب يعني: الاهتمام هذا جنس عام ويصدق بماذا؟ لكونه الأصل ولكونه التمكين والت ... #52.15 هذه كلها سبب أو أسباب لبيان كون المسند إليه مهتمًا به، واضح؟
إذًا القاعدة العامة في كونه مقدمًا هو الاهتمام، ثم ما وجه هذا الاهتمام؟ بأي سبب يكون؟ وبأي طريقة يكون؟ هو الذي ذكره فيما بعده. ولذلك قال: (فَلاِهْتِمَامِ) به وأنه هو المهم عند المتكلم أو المخاطب من ذكره غيره. أي: فلكون ذكره أهم ولا يكن في التقديم مجرد ذكر الاهتمام، بل لا بد من أن يبين أن الاهتمام من أي وجه وبأي سبب فلهذا فصله الناظم بقوله: (يَحْصُلُ التَّقْسِيمُ) والتفصيل. لماذا؟ لأي شيء؟ للاهتمام. قال ماذا؟ (والتَقْدِيمُ فَلاِهْتِمَام) الاهتمام يحصل بماذا؟ قال: (يَحْصُلُ التَّقْسِيمُ). يعني: التنويع والتفصيل للاهتمام (كَالأَصْل) وما عطف عليه، (يَحْصُلُ التَّقْسِيمُ) أي: تفصيل جهة الاهتمام وسببه (كَالأَصْل) فيه لأن المسند إليه الأصل فيه أن يكون مقدمًا لماذا؟ لأنه محكوم عليه، والمحكوم عليه الأصل أن يتقدم لأنه موضوع، والخبر محمول عليه، هذا الأصل كالأساس بالنسبة للبيت، (كَالأَصْل) فيه أي: الأمر الذي ينبغي أن يتصف الشيء به في نفسه لولا المانع، وذلك لأنه محكوم عليه ولا بد من تحققه قبل الحكم فقصدوا أن يقدم في الذكر أيضًا، وهذا واضح، لاسيما ولا مقتضى للعدول عنه لأنه إذا لم يكن سبب لأن يتأخر المسند إليه إذا لم يكن عندنا مقتضٍ - وهذا موافق للأصل - فاجتمع فيه أمران:
كونه الأصل محكومًا عليه.
وكونه لم يوجد مقتضٍ لتأخيره.