(أَوْ لِمَا انْفَرَدْ) (أَوْ) للتنويع أي: ترد (أَلْ) المعرفة للجنس لا مطلق (أَلْ) للإشارة (لِمَا انْفَرَدْ) هذا نوع من النوع الثاني، (أَلْ) لعهد انتهينا منها، أو حقيقة أو قال ماذا؟ بـ أو (أَوْ حَقِيقَةٍ) ثم هذه الحقيقية الجنسية تفيد الاستغراق وقد تفيد كذلك (لِمَا انْفَرَدْ) يعني: لفرد ذهني (لِمَا انْفَرَدْ) أي: لفرد مبهم من أفراد الجنس، يعني: يكون مدلولها فردًا لكنه ليس في الخارج وإنما هو شيء في الذهن أي: للفرد الواحد من أفراد الجنس غير معين عند السامع باعتبار عهديته في الذهن، يعني: معهود في الذهن، كقولك: اذْهَبْ إِلَى السُّوق. أليس كذلك؟ إذا قلت لابنك: اذْهَبْ إِلَى السُّوق. اذْهَبْ إِلَى كُلِّ سُّوقٍ في العالم، إِلَى كُلِّ سُوقٍ في البلد، إلى سوق واحد غير معين ما المراد؟ الثالث. إذا قلت: (أَلْ) هنا كـ (أَلْ) في الإنسان عمت كل الأسواق أليس كذلك؟ اذْهَبْ إِلَى السُّوق يعني كل سوق، اذْهَبْ إِلَى السُّوق والمراد به العرفي يعني: أسواق البلد كلها اذْهَبْ إِلَى سُّوق يعني: المراد به سوقًا واحدًا يحصل به الذهاب، اذْهَبْ إِلَى الْمَسْجِد المراد به فرد من أفراد المسجد ليس المراد به كل المساجد، إذًا جاءت (أَلْ) هنا لفرد مبهم غير معين، وحينئذٍ يكون هذا الفرد وجوده وجود في الذهن فقط، لأنه إذا قال: اذْهَبْ إِلَى السُّوق. أنا استحضر أي سوق في ذهني وتمشي، وإما إذا كان معهودًا في الخارج وهذا فيما مضى في العهدية.
إذًا (أَوْ لِمَا انْفَرَدْ) يعني: للفرد الواحد من أفراد الجنس غير معين عند السامع باعتبار عهديته في الذهن، وهذه التي تسمى (أَلْ) العهدية الذهنية، وهي عند النحاة نوع من أنواع العهدية، وهنا عندهم نوع من أنواع الجنسية، واضح؟
(أَلْ) العهدية للذهن هذه عند النحاة يجعلونها داخلة في العهدية التي تقابل الحقيقة والجنسية، وهنا لا، يجعلونها داخلة في الحقيقية، ادخل السوق إلى حيث لا عهد فإن الدخول إنما يكون في سوق واحد، وهذا الاسم الذي دخلت عليه (أَلْ) والمراد به فرد واحد غير معين في المعنى كالنكرة، لأنه كأنه قال: ادخل السوق. ادخل سوقًا. أي سوقٍ، فيصدق بسوق واحد، إذًا هو في المعنى كالنكرة إذا لم يكن لمعين يعرفه المخاطب فصار شائعًا بحسب الظاهر ولهذا يوصف بالجمل، قال تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ}، {اللَّيْلُ} المراد به فرد غير معين حينئذٍ وصف بـ {نَسْلَخُ}، {نَسْلَخُ} الجمل بعد المعارف أحوال وهنا لا يعرب حالاً، وإنما يعرب صفةً لماذا؟ لأن الليل في قوة النكرة، والجمل بعد النكرات صفات، ولذلك أُعْرِبَ صفة.
وأوضح منه قوله يعني من حيث الاستدلال:
وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي ... وَمَضَيْتُ ثُمَّت قلت لا يعنيني