شعب الإيمان

قال الموفق رحمه الله: [وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) فجعل القول والعمل من الإيمان].

هذا الحديث يعتبر من أشرف الدلائل عند السلف على مسألة الإيمان، وأصله في الصحيحين، وهو بهذا السياق رواه مسلم في صحيحه، وقد رواه البخاري مجملاً: (الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة)، وفسره مسلم في هذه الرواية، قال: (الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من شعب الإيمان).

من خصائص هذا الحديث مسائل:

المسألة الأولى: أن الحديث فيه بيان لكون الإيمان متعلقاً بالقلب واللسان والجوارح، فإنه قال: (فأعلاها قول لا إله إلا الله) وهذا دليل على أن الإيمان يكون باللسان خلافاً لغلاة المرجئة، وفي قوله: (وأدناها إماطة الأذى عن الطريق) فيه بيان لكون الإيمان يتعلق بأعمال الجوارح، (والحياء شعبة من شعب الإيمان) فيه دليل على أن أعمال القلوب تدخل في مسمى الإيمان.

المسألة الثانية: فيه أن سائر الأعمال المشروعة تدخل في مسمى الإيمان، سواء كانت واجبة أو ركناً أو مستحبة، فإن إماطة الأذى عن الطريق ليست من الواجبات في سائر المقامات، ومع ذلك جعلها الشارع من شعب الإيمان.

المسألة الثالثة: أن هذا الحديث يمنع التأويل فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الإيمان بضع وسبعون شعبة) فدل على أن كل ما سماه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا فهو إيمان على الحقيقة ليس من باب المجاز، لأنه قال: (والإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون) على اختلاف الرواية، فدل على أن هذه الشعب كل واحد منها يسمى إيماناً ولا بد، وإذا دخلت الأعمال المستحبة باسم الإيمان فمن باب أولى دخول الواجبات والفرائض الكبرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015