مسألة الزكاة لا شك أنها مسألة خلاف، وكذلك الصوم والحج، وهذه قطعاً ليس فيها إجماع، وحتى عبد الله بن شقيق ألم يقل: "كان أصحاب محمد لا يرون شيئاً من العمل تركه كفر إلا الصلاة" فظاهر كلام ابن شقيق أن الزكاة عند الصحابة لم يستقر أمرها على الكفر؛ لأنه يقول: (إلا الصلاة) وهذا لا يعني أن الصحابة أجمعوا على عدم كفر تارك الزكاة كما يقوله بعض أصحاب الأئمة، بل الصواب: أن مسألة الزكاة خلافية بين الصحابة، وكذلك الصوم والحج.
هنا مسألة وهي: من امتنع عن الزكاة وقاتل عليها فحكمه أنه مرتد، كالممتنعين عن أداء الزكاة الذين قاتلوا الصحابة في زمن أبي بكر الصديق، فالممتنعون المقاتلون على منع الزكاة كفار مرتدون كما حكاه أبو عبيد مذهباً للصحابة، وليسوا بمنزلة من ترك الزكاة وهو فرد من أفراد المسلمين في وسطهم، ولم يقاتل، ولم يمتنع بطائفة.
وقد كان مالك بن أنس رحمه الله يقول: "إن تارك الزكاة ليس كافراً"، ولما سُئل عن الممتنعين في زمن أبي بكر قال: "إنهم مرتدون"، فواضح عند السلف التفريق بين الترك المفرد وبين الامتناع أو الاجتماع على الإباء ونحوه.