قال المصنف رحمه الله تعالى: [ولا تتوهمه القلوب بالتصوير، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير].
هنا ذكر الشيخ قاعدة ولعلنا نجعلها القاعدة الأولى؛ لأننا بإذن الله سنضبط أكثر القواعد التي أشار إليها الشيخ، بعضها ستأتي على شكل إشارات وبرقيات سريعة؛ لأن الإمام كان يكتب في وقته للناس وكانوا في استيعابهم للعقيدة أكثر من استيعاب المعاصرين، ونحتاج الآن في هذا العصر الذي كثر فيه تشقيق العلم وتفصيله إلى أن نيسر الانتفاع بهذه القواعد، ففي قوله: [ليس كمثله شيء وهو السميع البصير] إشارة إلى القاعدة التي قررها الله عز وجل في كتابه الكريم، وهي قاعدة في أسماء الله وصفاته كلها، وهي قاعدة الإثبات والنفي، وهنا بدأ بالنفي {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] لدفع توهم المشابهة قبل تقرير الإثبات، وهذا نهج تفرد به أهل السنة والجماعة والسلف عن بقية الفرق التي هلكت، بمعنى أنهم يقررون نفي المماثلة والمشابهة لئلا ينصرف الذهن عند سماع صفات الله وأسمائه وأفعاله إلى التشبيه والتمثيل، فإذا استقر في ذهن المسلم أن الله ليس كمثله شيء ثم سمع قوله عز وجل: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11] اندفع التشبيه واندفع التمثيل وتوهم ذلك.
فإذاً هذه قاعدة، وهي: أن الله عز وجل موصوف بالإثبات، أي إثبات ما أثبته لنفسه وما أثبته له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونفي النقائص عن الله عز وجل جملة وتفصيلاً.
فقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11] فيها نفي للنقائص، وفيها نفي للمماثلة والمشابهة.
وقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11] فيها إثبات، وهذه القاعدة الأساسية التي ينبني عليها توحيد الأسماء والصفات.