فالأسماء التي ترجع إلى الأشخاص كالجهمية فإنها ترجع إلى الجهم، وكالكرامية فإنها ترجع إلى ابن كرام، والكلابية ترجع إلى ابن كلاب، والأشاعرة يرجعون إلى الأشعري، والماتريدية ترجع إلى الماتريدي، فالله عز وجل نزّه السنة وأهلها من أن تكون لهم هذه الأسماء فكانت لمن ينتسب إليه أهل هذه الأهواء.
وأحياناً تكون أوصافاً كالرافضة، سموا رافضة لرفضهم إمامة أبي بكر وعمر وهي من الدين، وبذلك رفضوا الدين جملة وتفصيلاً، وكالشيعة أيضاً لأنهم شايعوا علي بن أبي طالب، وكالخوارج سماهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك لأنهم يخرجون على الأئمة وعلى المسلمين، والقدرية لأنهم خالفوا في القدر وقالوا بغير ما قال به أهل السنة، والمرجئة لأنهم قالوا بالإرجاء وهو تأخير الأعمال عن الإيمان وهكذا وفي الآونة الأخيرة قد ترجع بعض الأهواء إلى شعارات كالاشتراكية والبعثية والوطنية والديمقراطية.
وكل متسم بغير أهل السنة فهو مبتدع، يخرج من هذا من وصف بوصف لا يلزمه، وهذا قد يشكل على بعض السامعين، فقد يقال إن أهل السنة سموا بالمشبهة وسموا بالحشوية وسموا بالنابتة وسموا بالناصبة إلى آخره، لكن نقول: ليس العبرة بتسمية الخصوم ولا بإلزامهم لهم، إنما العبرة بما عليه الحق من ناحية، ومن ناحية أخرى بما يكون على وجه التزام، بمعنى أن يلتزم به أهله ويرضونه، فالشيعة رضوا بالتشيع، والخوارج أيضاً سماهم النبي صلى الله عليه وسلم تسمية شرعية فأصّل فيهم اسم الخوارج وأجمعت الأمة على هذا الاسم، والجهمية أجمعت الأمة على تسميتهم بهذا الاسم، والمعتزلة كذلك إلى آخره فإما أن يقع إجماع وإما أن يرفع صاحب الاسم شعاره ويرضى به كالشيعة، وإما أن ينطبق الوصف شرعاً ولغة.
أما اللمز والرمي والاتهام فلا يقع على صاحبه، لذلك المشركون لما عيّروا النبي صلى الله عليه وسلم بغير ما هو عليه لم يكن لهذا التعيير أي أثر فلم يصدقه أحد ولا صدقوه هم أنفسهم، أليسوا سموا النبي صلى الله عليه وسلم -وحاشاه من ذلك- بمذمم؟ هل هو في الحقيقة مذمم؟ إذاً ما وقع عليه الاسم لا شرعاً ولا عقلاً ولا عرفاً، فهذا الاسم لم يكن له أثر، وكأن الله عز وجل صرفهم عن تعييره أو أن يقع عليه السب، فكذلك أسماء أهل السنة أو ألقابهم التي عيرهم بها خصومهم ما دامت لا تقع شرعاً ولا عقلاً ولم يلتزمها أهل السنة فإنها لا تؤثر، إنما الكلام على غير ذلك مما ذكرت.