ثم قال: (والإصغاء إلى كلامهم).
والكلام أخطر من قراءة الكتب، فالإصغاء إلى كلام أهل الأهواء لا يجوز، بل هو محرم، ومما ابتلينا به أن الناس صاروا يسمعون كلام كثير من أهل الأهواء عبر الأشرطة وعبر وسائل الإعلام الأخرى، فلا بد من الحذر من هذا التيار.
وكلام أهل الأهواء كلام جذاب مغر، وأغلبهم ممن يُفتن الناس بما يسمعون منه؛ لأنهم أصحاب ثقافة عالية في الغالب، فيجدون من الأساليب والتعابير ما يشدون به أذهان السامعين، وفي الغالب أن أهل الأهواء يتحرون حوائج الناس وما يعتلج في نفوسهم من قضايا ومشكلات فيحاولون أن يسهموا في علاجها، فمن هنا تتعلق النفوس بهم، وقد يكون ذلك عن حسن نية منهم، أعني أن المبتدع صاحب الهوى لا يلزم أن يدري أنه صاحب هوى، قد يكون -وهذا هو الغالب- صاحب عاطفة، وفعلاً يريد الخير ويريد الحق، لكن قد جانبه بمخالفته للسنة، فإذا عُرف أحد من الناس أنه صاحب هوى أو فيه نزعة هوى فيجب تجنب كلامه، وما عنده من كلام جميل يُغني عنه ما في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما عند أهل الحق وأهل العلم الموثوقين.
فلا يكون ما عنده من كلام جميل ذريعة لأخذ جملة ما عنده بما في ذلك الأهواء والبدع، وكثير من الذين يتكلمون في مصالح المسلمين عندهم شيء من البدع، فلذلك ينبغي أن نتنبه ولا نصغي إلى كلامهم حتى وإن قالوا بحق؛ لأن الحق الذي معهم لم ينفردوا به، وهذه قاعدة عند السلف كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن أهل الأهواء قد يكون عندهم شيء من الحق، لكن لا ينفردون بهذا الحق، فإن الحق الذي عندهم هو عند أهل السنة وزيادة، كما أن من أهل السنة من قد ينفرد بخطأ لكن هذا الخطأ الذي عنده نجده عند أهل الأهواء وزيادة هذه مسألة ينبغي أن يتنبه لها طلاب العلم، فلا تغويهم أو تستدرجهم بعض الأشياء التي يمتاز بها أهل الأهواء فينجرفوا معهم في أهوائهم.