(ونرى الحج والجهاد ماضيين مع طاعة كل إمام) هذا تفريع عن قاعدة سيأتي الكلام عنها ربما في الدرس القادم؛ لأننا ربما لا نصلها اليوم وهي مسألة طاعة أئمة المسلمين.
مسألة الحج والجهاد تتفرع عن طاعة ولاة الأمر، وأشار إلى الجهاد والحج لأنها أعظم شعائر الإسلام الجماعية الظاهرة، والصلاة لا شك أنها داخلة في ذلك دخولاً أولياً ولذلك ذكرها، لكن بدأ بالحج لأن الحج جمع للمسلمين جميعاً من أكثر من بلاد، بل من آفاق الأرض كلها، والحج في الغالب تكثر فيه أنواع الناس وأصنافهم بمذاهبهم وفرقهم وأقاليمهم ولغاتهم، فيكون مظنة النزاعات والخلافات، فكان اجتماعهم على إمام واحد مهما كان من الفجور والظلم أمراً تقتضيه المصلحة العظمى للأمة، ثم إن الحج من شعائر الدين التي لا بد من ترتبيها وتوقيتها، فلا بد من الخضوع فيه للإمام حتى وإن كان على رأي مرجوح، وإن كان على أمر لا يحمد من حيث المعاصي أو الفجور أو الظلم، فلا بد من الحج معه، ولا بد أن يعتقد المسلم صحة الحج مع هؤلاء الأئمة وإن لم تتوافر فيهم الشروط، لئلا يظن أن الحج لا يكون إلا مع المتقين أو أنه لا يصح إلا مع المتقين، فالحج كالصلاة، وهذا أمر مجمع عليه عند السلف.
والجهاد كذلك مثل الحج يتعلق بالمصالح العظمى، ولو أن الناس فتح لهم المجال بأن يطيعوا من يشاءون لحصلت الفوضى وحصل الضعف والهوان للمسلمين، فالجهاد مع الإمام مهما بلغ من الفجور والظلم أمر واجب إلى قيام الساعة.
(مع كل إمام براً كان أو فاجراً) وهذه ستأتي فيما بعد.