ثم ذكر الجنة والنار، وأنهما مخلوقتان، أي الآن، والله أعلم بكيفية ذلك؟ وأين تكونان؟ لكن لا شك أن الجنة فوق وأن النار في أسفل سافلين، وأن الجنة أيضاً تزادن للمؤمنين وتُغرس بأعمالهم، وأن النار فيها من الخلق من دخل فيها أو يردها الآن مثل فرعون وقومه، فإنهم يردون النار بكرة وعيشاً؛ نسأل الله السلامة قال المؤلف رحمه الله: [والجنة مأوى الأولياء والنار عقاب للأعداء].
هذا فيه رد على كثير من غلاة الفلاسفة وغلاة المتصوفة، وغلاة الباطنية الذين يزعمون أن الجنة تكون فيما بعد مأوى للجميع لا فرق بين مؤمن وكافر، أو يزعمون أن الجنة لطوائف معينة من البشر، أو أن كل البشر لا بد أن يكونوا من أهل الجنة، حتى زعم بعضهم أنه يتحكم في الجنة والنار يدخل فيها من يشاء ويحرم منها من يشاء.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأهل الجنة فيها مخلدون].
بمعنى أنهم باقون في نعيمها أبداً، وكذلك أهل النار مخلدون باقون في عذابها أبداً إلا من شاء الله خروجه من أهل النار، وهم أهل الكبائر أو الذين تشملهم رحمة الله عز وجل، كما ورد في الحديث الصحيح أن الله عز وجل حينما يقول: شفع النبيون وشفع الملائكة، ثم يقول: ولم يبق إلا رحمة أرحم الراحمين، فيقبض قبضة بيده من أهل النار من أناس لم يعملوا خيراً قط، فيكونون من أهل الجنة برحمة الله، وفي هذا إشارة إلى أن الله عز وجل يفعل في عباده ما يشاء، وليس لهم أن يقرروا مصائر العباد بأهوائهم إلا ما ورد في الكتاب والسنة.
ثم قال: [ويؤتى بالموت في صورة كبش أملح فيذبح].
هذا فيه دليل قاطع على أن أهل النار لا يموتون، وأن أهل الجنة لا يموتون.
[ثم يقال: يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت].
والحديث كما ترون رواه البخاري ورواه مسلم، والأحاديث في ذلك كثيرة.