ثم ذكر من ذلك أمثلة قال: (مثل حديث الإسراء والمعراج).
الإسراء والمعراج من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، والإسراء هو انتقال النبي صلى الله عليه وسلم مع جبريل على البراق من مكة إلى بيت المقدس، والبراق دابة تُشبه الفرس، ركبها النبي صلى الله عليه وسلم، ومعنى الإسراء هو السير ليلاً.
وفي بيت المقدس رأى الأنبياء وصلى بهم، ثم عُرج به إلى السماء، والعروج هو الصعود والارتقاء في الدرجات، فالنبي صلى الله عليه وسلم عُرج به إلى السماء مع جبريل عليه السلام.
وقد تضمن الإسراء والمعراج أموراً غيبية كثيرة يجب الإيمان بها، مثل أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الأنبياء في بيت المقدس وصلى بهم، وأنه كان يصحبه جبريل وكان ركب دابة من الدواب ما بين البغل والفرس، وأنه صعد إلى السماء يقظة وليس مناماً؛ لأنه لو كان مناماً ما كان محل إنكار ولا محل تحد؛ فالحلم أمر يستوي فيه الناس، لكن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب يقظة بجسمه وروحه، وهذا معنى كونه معجزة.
فالنبي صلى الله عليه وسلم في المعراج صعد إلى السماء الدنيا واستفتح وفُتح له، ورأى فيها ما رأى من الأنبياء وغيرهم، وكذلك في السماء الثانية، وقد رأى فيها ما رأى من الأنبياء وغيرهم، وفي السماء الثالثة، والرابعة، والخامسة، والسادسة، والسابعة، وما بعد السابعة إلى سدرة المنتهى حتى سمع صريف الأقلام التي تُكتب بها مقادير الخلق، وقد ارتقى صلى الله عليه وسلم هذا المرتقى العظيم الذي لم يرتقه أحد بعده ولا قبله، وكان من خصائصه عليه الصلاة والسلام، وكلم ربه، وفُرضت عليه الصلوات الخمس على النحو الذي ذُكر في الحديث الذي فيه فُرضت أولاً خمسين، ثم بقي النبي صلى الله عليه وسلم يصعد بين ربه وبين موسى عليه السلام يطلب منه التخفيف، حتى خففت إلى خمس صلوات، وأنه رأى من آيات ربه الكبرى العظمى ما لم يحط به أحد من الخلق إلا ما أقدر الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم عليه.
إذاً الإسراء والمعراج حق وكل ما فيه كان يقظة لا مناماً، وهو من معجزاته صلى الله عليه وسلم.