وأما الأدلة من النظر: فإن موسى عليه السلام عندما سمع صوت الله طمع فيما هو أكثر، وقال: {رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي} [الأعراف:143].
فمن هذه القصة نستشعر بأن رؤية الله ممكنة يوم القيامة لا في الدنيا.
وذلك من وجهين: أولاً: أن موسى عليه السلام قد سأل ربه سؤالاً، وكان هذا السؤال الذي سأله موسى عن علم؛ لأنه كان في زمانه أعلم الخلق بالله، وعندما يسأل أعلم الخلق بالله عندما يسأل سؤالاً مثل هذا فإن فيه دلالة على أنه يعتقد برؤية الله، وقد أقره الله على هذا الاعتقاد.
لأنه لا يمكن لموسى أن يتجرأ على ربه فيسأله ما ليس له به علم، وإنما سأل عن علم.
وجه الدلالة الثاني: أن الله أقر موسى عليه السلام، ولكن قال: {لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} [الأعراف:143].
ولو كان هذا السؤال تعدياً من موسى لأنكر عليه ربه كما أنكر على نوح عليه السلام عندما قال: {فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ} [هود:45] فقال له الله: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود:46]، ثم قال: {فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [هود:46].
فهذا إنكار من الله تعالى على نوح عليه السلام، فلما أقر الله موسى على هذا السؤال دل ذلك على أن رؤية الله ممكنة.
لكن ليس ذلك في الدنيا؛ لأن القوة البشرية لا تطيق ذلك.
ولذلك قال تعالى: {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق:22] فهذا هو الدليل من النظر الذي يدل أيضاً على رؤية الله يوم القيامة.