أهل البدعة والضلالة ما تركونا نهنأ بهذه الصفة، ولا ندري كيف أن حلاوة الإيمان وبشاشته تدخل إلى هذه القلوب الخربة التي أولت صفات ربنا وحرفتها.
فقالوا: معنى: (ينزل ربنا)، أي: ينزل أمر ربنا، وتنزل رحمة ربنا.
وعندنا أدلة بذلك كثيرة.
منها: أن الله خلق مائة رحمة، فأنزل واحدة من هذه الرحمات، فينزل ربنا يعني: تنزل رحمة ربنا، أو ينزل أمر ربنا، كما قال تعالى: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل:1].
ونقول لهم: خالفتم ظاهر الكتاب، وخالفتم ظاهر السنة، وخالفتم إجماع الصحابة.
وكفى بهذه المخالفات تضييع لكم.
والدين هو ما جاء به الرسول وجاء به الصحابة رضوان الله عليهم.
ثانياً: إذا خالفتم النص النبوي فقد اتهمتم رسول الله بالتقصير في البيان، والله قد أمره بالتبيين، فقال: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة:67]، وقال: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل:44]، فلو كان النزول نزول الرحمة، أو نزول الأمر، ولم يبين النبي فقد قصر في البلاغ، وقصر في النصح للأمة، وهو أنصح الأمة للأمة صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي.
ثالثاً: إن تأويل النزول بأنه نزول الرحمة هذا لازم لصفة نزول الله جل في علاه، فنحن نثبت النزول، ونثبت الرحمة؛ لأن لازم نزول الله أنه سيرحم، كما في حديث النزول أنه يقول: (هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستشف فأشفيه؟)، إذاً: فلازم نزول الله جل في علاه أنه يلزم من ذلك رحمات الله.
رابعاً: إن تنزلنا معكم وقلنا بقولكم فإنه ينتج لنا لوازم باطلة، منها: إن رحمة الله ستقول: (هل من سائل فأعطيه؟ هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟).
ونحن ليس عندنا صكوك غفران، والذي يعفو ويمنح ويعطي ويشفي ويمرض هو الله، وليس الرحمة أو الأمر، والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء:80].
هذا على التفصيل.
ومن الإجمال قوله تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأنعام:17].