القاعدة الرابعة التي قعدها الشيخ، وهي نبراس لكل طالب علم حتى يرد الفرع إلى الأصل، ومن ضبط هذه القواعد فقد تعلم العقيدة، قال: القاعدة الرابعة: بم نرد على المعطلة؟ والمعطلة قسمان: معطلة تعطيلاً كاملاً محضاً، ومعطلة تعطيلاً ناقصاً، والمعطلة تعطيلاً كاملاً هم الجهمية، وهم الذين عطلوا الذات والاسم والصفة، يقولون: ليس اسمه السميع ولا عنده سمع ولا بصير ولا بصر، ولا كريم ولا كرم ولا قدير ولا قدرة، والتعطيل يساوي النفي، فهم يعبدون عدماً حتى الصنم لم يحصلوا عليه والعياذ بالله! والمعطلة تعطيلاً ناقصاً هم المعتزلة، وهم يثبتون لله الأسماء، وينفون الصفات، فيقولون: الله عزيز، لكن بلا عزة.
حاشا لله! ويقولون: سميع بلا سمع، معأنه لو قلت: إن محمداً سميع، فأنا أقصد بالسميع أنه يسمع الكلام، ولذلك كانت عائشة تقول: سبحان الذي وسع سمعه الأصوات كلها، المرأة تشتكي زوجها للرسول صلى الله عليه وسلم وأنا في ناحية البيت يخفى علي بعض حديثها، فأنزل الله سبحانه وتعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة:1]، فهم يقولون: سميع بلا سمع، قدير بلا قدرة، كريم بلا كرم.
وما هو الفرق بين المعطلة تعطيلاً كاملاً -وهم الجهمية- وبين المعطلة تعطيلاً ناقصاً وهم المعتزلة؟ الفرق: أن الجهمية نفوا الاسم والصفة فقالوا: لا سميع ولا سمع، والمعتزلة نفوا الصفة دون الاسم فقالوا: سميع لكنه بلا سمع.
فالشيخ يقول القاعدة الرابعة التي نرد بها عليهم أنهم خالفوا ظاهر النصوص، وقد قعد القاعدة الأولى وهي أننا لا بد أن نأخذ بظاهر النصوص، فقالوا: اليد هي النعمة، وظاهر اللفظ يقول: ليست بنعمة، وقالوا: معنى أن الله يحب فلاناً أي: يريد ثوابه، وهذا خلاف الظاهر، فهم خالفوا ظاهر القرآن وظاهر السنة، وإجماع الصحابة.
ويلزم من قولهم التنقيص من قدر الله جل في علاه كما سنبين.