القدرية

وأما القدرية: فهم الذين يقولون بنفي القدر عن أفعال العبد، وأن للعبد إرادة وقدرة مستقلتين عن إرادة الله جل في علاه وقدرته، ولذلك سموا بمجوس هذه الأمة، فقد جعلوا من أنفسهم شركاء مع الله جل في علاه في الخلق، وأول من أظهر القول به معبد الجهني في أواخر عصر الصحابة، فقد تلقاه عن رجل مجوسي في البصرة، وانظروا! فما من مبتدع يبتدع بدعة إلا ويكون قد أخذها عن أهل الكفر والضلال والعياذ بالله.

وهم فرقتان: غلاة، وغير غلاة، فأما الغلاة: فهم ينكرون علم الله، وهذه علامة لا بد أن تعرفها في غلاة القدرية: وهي أنهم ينكرون العلم، وقد صدرت الباب بقول الشافعي في مسألة غلاة القدرية: خاصموهم بالعلم، فإن أقروا فقد خصموا، وإن أنكروا فقد كفروا؛ لأنهم عند ذلك قد أنكروا صفة معلومة من الدين بالضرورة، فالغلاة ينكرون علم الله، وإرادته، وقدرته، وخلقه لأفعال العبد، وهؤلاء قد انقرضوا أو كادوا، فلم يبق منهم إلا القليل، وغير الغلاة يؤمنون بأن الله يعلم كل شيء، لكنهم ينكرون وقوع هذه الأفعال بإرادة الله وقدرته وخلقه، وهذا المذهب ظاهر لمخالفة لكتاب الله عز وجل، فقد قال الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات:96].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015