الناجون من فتنة القبر

ففتنة القبر تعني السؤال في القبر، والحكمة من هذه الفتنة: اختبار صدق هذا الميت، والحكمة هذه تجعلنا نتكلم عن مسألة مهمة: هل هناك أحد يعفى من هذه الفتنة ومن هذا الاختبار الشديد؟ نقول: الاستثناءات لا تكون إلا بدليل؛ لأنها من الغيبيات، إذاً: نقول: هل هناك أحد يعصمه الله من هذه الفتنة؟

صلى الله عليه وسلم الذين عصموا من هذه الفتنة هم الشهداء، جعلنا الله جميعاً وإياكم من الشهداء الذين تراق دماؤهم تحت راية شريفة عفيفة كريمة لا تقبل إلا دماً شريفاً عفيفاً كريماً.

والشهداء من الخصال التي ميزهم الله عن غيرهم بها أنهم لا يفتنون في قبورهم، فلا يأتي الملك فيسأل الشهيد: من ربك؟ ما دينك؟ ماذا تقول في هذا الرجل؟ وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة من ذلك فقال: (كفى ببارقة السيوف فتنة)، فهذه دلالة على أنهم ببارقة السيوف قد باعوا أنفسهم صدقاً لله جل في علاه، فأظهروا صدقهم ببيع النفس رخيصة من أجل إعلاء كلمة الله جل في علاه، فكوفئوا جزاء وفاقاً وأجراً طباقاً أنهم لا يختبرون في قبورهم؛ لأنهم قد بينوا صدقهم في هذه الدنيا فأعقبهم خيراً عميماً وهو عدم السؤال في القبر، اللهم اجعلنا من هؤلاء الأموات.

وكذلك لا يتعرض لفتنة القبر من مات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة، وهؤلاء أيضاً من الذين يعدهم الله بالنجاة من عذاب القبر، وكذلك الصادقون.

وهناك مسألة مهمة جداً وهي: أن الشهيد لا يسأل لأنه قد أظهر صدقه، وكذلك الصديق لا يسأل في قبره؛ لأنه أعلى درجة من الشهيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين فضل الشهادة؛ لأنه قد أظهر صدقه لله وباع نفسه رخيصة، والصديق: هو الذي ما أتاه أمر من أوامر الله أو أمر من أوامر النبي صلى الله عليه وسلم إلا وصدق به، فهو المقدم في أن يؤمن الفتنة ولا يسأل في قبره، نظراً للحكمة.

فالحكمة في سؤال المرء الذي يختبر هو اختبار الصدق، والشهيد قد بين صدقه، فمن باب أولى ألا يسأل الصديق؛ لأنه قد أظهر صدقه في هذه الدنيا، فقياسها قياس أولى وجلي، والأسلم والأحوط أن نبقى مع الأدلة، وندور معها حيث دارت، فنقول: أبو بكر الصديق على العموم يمكن أن يسأل في القبر مع أنه صديق هذه الأمة؛ لعموم الأدلة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم لما استثنى الشهيد لم يستثن الصديق، فالصحيح الراجح: أن نقف عند الأدلة، إذاً: فتنة القبر يسلم منها ستة أعلاهم أو سيدهم هو الشهيد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015