قال: (وفيما نقل من علامات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الكتب المتقدمة) ، أي: كتب الأنبياء كالتوراة والإنجيل (أنهم يسجدون في الأرض ويزعمون أن إلههم في السماء) .
وهذا وصف صادق على الأمة، فإن أهل الإسلام يسجدون في الأرض، ثم إذا سجدوا يقولون: سبحان ربي الأعلى، وبهذا فهم يزعمون أن إلههم في السماء، أي: في العلو؛ وأول ما ينقدح في القلب عند وصف الله أنه الأعلى، علوه جل وعلا بذاته في السماء.
وهذا أمر وقع فيه الخلاف بين أهل السنة وغيرهم، فإن أهل البدعة ينكرون هذا النوع من العلو ويقولون: الأعلى قدراً، والأعلى قهراً، ولا يقولون: الأعلى ذاتاً، والعلو الذي يثبته أهل السنة والجماعة لله عز وجل هو العلو بأنواعه كلها، فله جل وعلا علو الذات، فهو فوق كل شيء سبحانه وبحمده.
وله علو القدر والشرف، فهو الذي له المثل الأعلى، وله الصفات العلا والأسماء الحسنى، وهو العالي على عباده قهراً كما قال تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام:18] .
والمتكلمون الذين ينكرون علو ذاته جل وعلا يقولون: إن قول الله جل وعلا: {سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى:1] وقول الساجد: سبحان ربي الأعلى، إنما هو علو القدر والقهر، وهم في هذا باخسو الله جل وعلا علوه الذي اختص به وهو الأصل، فإن الأصل في العلو الثابت له هو علو الذات، وأما علو القدر وعلو القهر فهو من لوازم علوه جل وعلا.
فما ذكر في الكتب المتقدمة من أن هذه الأمة موصوفة بأنهم يسجدون في الأرض ويزعمون أن إلههم في السماء وصف مطابق لحال أمة الإسلام.