ثم ذكر من أحاديث الصفات ما رواه الإمام أحمد من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: (يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة) ، وفيه إثبات صفة العَجَب لله جل وعلا، والعجب له سببان: الأول: أن يكون العجب ناشئاً عن جهل، وهذا حاشا أن يكون من وصف الله عز وجل، فهو العليم الخبير جل وعلا، أحاط بكل شيء علماً، وهو بكل شيء عليم.
الثاني من أسباب العجب: التعظيم لخروج الشيء عن نظائره مع عدم سبق جهل، وهذا هو الذي يوصف به الله جل وعلا، فمعنى يعجب أي: يعظم هذه الحال لخروجها عن نظائرها.
وقد جاء إثبات العجب لله عز وجل في الكتاب في قوله تعالى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} [الصافات:12] وقرئ: (بل عجبتُ) وهي قراءة سبعية، والقراءة التي فيها إضافة العجب إلى نفسه هي التي يستدل بها أهل السنة والجماعة على صفة العجب لله عز وجل من القرآن، فقوله صلى الله عليه وسلم: (يعجب ربك) هل هذا عجب ناشئ عن جهل وعدم علم؟
صلى الله عليه وسلم لا، تعالى الله عن ذلك، إنما هو عجب ناشىء عن تعظيم ومحبة لهذه الحال، وقوله: والشاب: هو الناشئ، وهو من بلغ الحلم، واختلفوا في منتهاه فقيل: إلى الثلاثين، وقيل: إلى الأربعين، والمقصود: ثورة الشباب ووقت خفة العقل وسفه الحلم.
وقوله: (ليست له صبوة) ، أي: ليس له ميل إلى الهوى، والصبوة: الميل إلى الهوى، والغالب في الشاب أن يكون ذا صبوة، أي: ذا ميل إلى الهوى، لكن الإنسان إذا أحصن نفسه وعودها على الخير، ورباها على البر، وحبسها عن مشتهياتها في مثل هذا الزمن، كان هذا من دلائل كمال دينه، ورجاحة عقله؛ لأنه لا يفعل ذلك إلا عن وازع عظيم يمنعه من الميل إلى الهوى.
ثم حديث: (يعجب ربك) هو من حديث عقبة، وفي سنده عبد الله بن لهيعة، رواه عنه قتيبة بن سعيد، والحديث ضعيف لضعف عبد الله بن لهيعة؛ لأنه اختلط في آخره، ولكن الصفة لا تبطل بهذا الضعف؛ لأنها قد دلت عليها نصوص أخرى.