والعلماء يجعلون الصفات أقساماً، وهذا التقسيم ليس من كلام السلف، أي أنك إذا طلبت في كلام الصحابة والتابعين (صفة خبرية، وصفة ذاتية، صفة فعلية) فلن تجد، لكنه اصطلاح حادث دعت الحاجة إليه؛ فلهذا قبله أهل العلم واستعملوه.
فالصفات الخبرية: هي التي لا يستقل العقل بإثباتها، أي: هي الصفات التي لا يمكن أن يتوصل إليها إثباتاً من طريق العقل، بل لابد من السمع، ولابد من نقل، ولابد من نص، ولابد من وحي في إثباتها، فلو أن أحداً قال لك: أثبت لله وجهاً، ما تمكنت من ذلك بالعقل، لأن العقل لا يستقل في معرفة الغيبيات؛ ولذلك سمى العلماء هذا النوع من الصفات: (الصفات السمعية) ، أو (الصفات الخبرية) ، ومعنى السمعية: أنها جاءت بالسمع -الكتاب والسنة- ومعنى (الخبرية) أنها جاء بها الخبر في كلام الله أو في كلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
النوع الثاني من أنواع الصفات: الصفات الذاتية، وهي الصفات التي يتصف الله عز وجل بها أزلاً وأبداً: أزلاً: في القدم، وأبداً: في المستقبل، فهو لا ينفك عنها سبحانه وتعالى، مثاله: صفة الحياة، فإنه جل وعلا متصف بها أزلاً وأبداً، والدليل قول الله تعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ} [الحديد:3] ، فهو الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، فهذه الصفة من صفاته الذاتية.
مثاله أيضاً: القومية، والسمع، والبصر، والكلام، والقدرة، والعلم كل هذه من الصفات تسمى الصفات الذاتية.
القسم الثالث: الصفات الفعلية، وهي التي تتعلق بمشيئة الله عز وجل، أي: الصفات التي يتصف بها متى شاء، كرضاه، وغضبه، ونزوله جل وعلا إلى السماء الدنيا، واستوائه على العرش وما أشبهها من الصفات، فهذه الصفات تسمى صفات فعلية، وإنما تسمى صفات فعلية؛ لأنها متعلقة بالمشيئة، ويسميها بعض العلماء: الصفات الاختيارية؛ لأنها متعلقة بالاختيار والمشيئة.
والذي بحثه المؤلف رحمه الله من هذه الأنواع، أو ذكر له أمثلة من الآيات التي ذكرها، هو الصفات الفعلية والصفات الخبرية؛ لأنها هي التي وقع فيها الخلاف بين أهل السنة والجماعة وبين غيرهم.