قال رحمه الله: [قال الإمام محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه: (آمنت بالله، وبما جاء عن الله، على مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله، على مراد رسول الله] .
وهذا من عميق فقه الإمام الشافعي رحمه الله؛ فيجب على المؤمن أن يقر في قلبه، وأن يطوي فؤاده على هذا العقد: (آمنت بالله، وبما جاء عن الله، على مراد الله) أي: على مقصود الله جل وعلا، وعلى ما أراده الله سبحانه وتعالى، لا على ما أتوهمه أو أظنه أو أتخيله، إنما على مراد الله عز وجل.
وقوله: (وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله، على مراد رسول الله) ؛ هكذا يجب أن يكون المؤمن في كلام الله عز وجل؛ في المحكم والمتشابه، وهذا هو معنى كلام المؤلف رحمه الله الذي تقدم معنا في قوله: (وما أشكل من ذلك وجب إثباته لفظاً وترك التعرض لمعناه) ، فترك التعرض لمعناه أن نقول: آمنت بالله وبما جاء عن الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول رحمه الله: [وعلى هذا درج السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم، كلهم متفقون على الإقرار والإمرار والإثبات؛ لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله، من غير تعرض لتأويله، وقد أمرنا بالاقتفاء بآثارهم، والاهتداء بمنارهم، وحذرنا المحدثات، وأخبرنا أنها من الضلالات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة) ،وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم) ] .
ما تقدم من النقل عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل وأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمهما الله، درج عليه السلف وأئمة الخلف رضي الله عنهم؛ فـ (كلهم متفقون على الإقرار) أي: الإثبات، (والإمرار) أي: وعدم التعرض لما جاءت به النصوص برد أو تأويل أو تجهيل أو إعراض، (والإثبات) لما ورد من الصفات في كتاب الله وسنة رسوله.