قول المؤلف رحمه الله: (تولي أصحاب رسول الله) أصحاب: جمع صاحب، والصحابي: هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على ذلك ولو كان ذلك ساعة من ليل أو نهار، ولكن لا شك أن الصحابة رضي الله عنهم، يتفاوتون في الحقوق بقدر تحقق الصحبة لهم، فالذين صحبوه صلى الله عليه وسلم أطول وكانت صحبتهم له أحسن وأكمل، فإن لهم من الحق والفضيلة والمزية أكثر مما هي لمن قصر نصيبه من ذلك، فالصحبة وصف كلما ازداد في الشخص تحققه كلما علا حقه وارتفعت قدمه فيما ذكره المؤلف رحمه الله من المحبة وذكر المحاسن.
وأعلى الصحابة صحبة هو: أبو بكر رضي الله عنه، فله من المحبة والفضل والسبق والتولي ما ليس لغيره من صحابة رسول صلى الله عليه وسلم، فعلى سبيل المثال: من أسلم بعد الفتح ليس كمن أسلم قبل الفتح، كما ميز الله جل وعلا ذلك فقال: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد:10] ، فهذه الآية ميزت بين طبقات الصحابة، فحق الذين أسلموا قبل الفتح -وهو صلح الحديبية- من المحبة وذكر المحاسن والترحم والاستغفار والولاية أعظم من حق من جاء بعد ذلك؛ لأن من أسلموا قبل الفتح تحقق الصحبة فيهم أعظم من تحقق الصحبة فيمن أسلموا بعد الفتح، وهذا هو معنى قولنا: الصحبة وصف يزداد فيه الحق بازدياد هذا الوصف، فكلما ازداد نصيب الإنسان من صحبة النبي صلى الله عليه وسلم كلما ازداد حقه من هذه الخصال الذي ذكرها المؤلف رحمه الله.