قال رحمه الله: (ولا يقضى بين الناس في القيامة إلا بشفاعته) ، وهذا قد جاءت به النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها ما في الصحيحين من حديث أبي سعيد وأبي هريرة: أن الأنبياء يتدافعون الشفاعة إذا جاءهم الناس يطلبون منهم، فتصير إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: (أنا لها، أنا لها) ، فيسجد تحت العرش ثم يقول الله له: (ارفع رأسك، وقل يسمع، واشفع تشفع) ، فيشفع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أن يأتي الله عز وجل لفصل القضاء والحكم بين الناس؛ فإذا شفع صلى الله عليه وسلم جاء الرب جل وعلا للفصل بين الناس فيما يكون بينهم، هذا معنى قوله رحمه الله: (ولا يقضى بين الناس في القيامة إلا بشفاعته) ، أي: بتوسطه لدى الله جل وعلا أن يأتي لفصل القضاء، وهذا مما لا شك فيه، وقد ثبتت به السنة، وجاءت الإشارة إليه في قول الله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء:79] ؛ فالمقام المحمود جاء بيانه في سنة النبي صلى الله عليه وسلم بأنه مقامه بين الناس حين يشفع لهم في فصل القضاء، فإنه يحمده على هذا كل أحد.