قال المؤلف رحمه الله: [فصل: ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وسيد المرسلين، لا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته، ويشهد بنبوته، ولا يقضى بين الناس في يوم القيامة إلا بشفاعته، ولا تدخل الجنة أمة إلا بعد دخول أمته.
صاحب لواء الحمد، والمقام المحمود، والحوض المورود، وهو إمام النبيين وخطيبهم، وصاحب شفاعتهم، أمته خير الأمم، وأصحابه خير أصحاب الأنبياء عليهم السلام] .
هذا الفصل ذكر المؤلف رحمه الله في أوله ما خص الله به محمداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الفضائل والخصائص، والنبي صلى الله عليه وسلم أعطاه الله جل وعلا من الخصائص والفضائل ما لم يعط نبياً غيره، كما في حديث جابر في الصحيحين: (أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي) ، فله من الخصائص والفضائل ما ليس لغيره، وهذه الخصائص منها ما يتعلق به، ومنها ما هو له ولأمته، ومنها ما هو في الدنيا، ومنها ما هو في الآخرة: منها ما هو له خاصة، كقوله: (وبعثت للناس عامة) .
ومنها ما هو له ولأمته كقوله: (نصرت بالرعب) ، وأوضح من هذا قوله: (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً) .
ومنها ما هو في الدنيا كهذه التي ذكرناها.
ومنها ما هو في الآخرة: كشفاعته صلى الله عليه وسلم في الموقف؛ فهذه له دون غيره.
ومنها: أن أمته تدخل الجنة قبل الأمم، وهذا له ولأمته صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ فما خصه الله به شيء كثير، وما شاركه فيه غيره من الأنبياء ففي غالب موارده له فيه التقدم، وإن كان في بعض الخصائص يتقدم عليه غيره، لكن هذا التقدم لا يعني أنه أفضل منه، بل هو أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم، كما قال في حديث أبي هريرة وغيره: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر) ، وسيادته يوم القيامة تدل على سيادته في الدنيا ولا شك؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إذا قدمه الله في يوم الجزاء فهو المقدم في هذه الدنيا؛ لأن التقديم يوم القيامة دليل على التقدم في الدنيا، كما قال الله جل وعلا: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} [الواقعة:10] .