ثم قال رحمه الله: (وسؤال منكر ونكير حق) : هذا بيان تفصيل الفتنة، وأن الفتنة تكون بسؤال منكر ونكير.
ومنكر ونكير ملكان كريمان، وإنما سميا بهذين الاسمين منكَر-بفتح الكاف- ونكير؛ لأنهما لا يعرفهما الإنسان، فهما غير معروفين لمن يأتيان إليه، فالنكارة هنا ليست لفعلهما، ولا لحالهما، وإنما النكارة لكون الإنسان يجهلهما.
وقيل: إنهما يأتيانه على صورة منكرة فظيعة، تدهش العقول وتذهب الألباب، وتذيب القلوب، وهذا الموقف هو الذي يحصل به الفضل لأهل الفضل كما في قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم:27] ، فالثبات الذي يكون في الآخرة منه ما يكون في القبر عند سؤال منكر ونكير، بل هو سبب نزول هذه الآية كما في الصحيح، فهذان الاسمان لهذين الملكين إنما هما في الحقيقة وصف لحالهما وليس تقليلاً لشأنهما، فهما من الملائكة الكرام الذين سخرهم الله عز وجل.
وقد جاء إطلاق هذين الاسمين عليهما في السنة فيما رواه ابن حبان في صحيحه، وأيضاً جاء في مسند الإمام أحمد، فهذان الاسمان لهذين الملكين ثبتا بالسنة، وإن كان بعض أهل العلم يضعف ما ورد في ذلك.
ثم قال: (والبعث بعد الموت حق) : البعث هو ما أخبر به الله به عز وجل من قيام الناس لرب العالمين حفاة عراة غرلاً، ولعلنا نترك التفصيل بما يتعلق بالبعث إلى الدرس القادم، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.