قال: (روى ابن عمر أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم: (ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر بالقدر خيره وشره)) الشاهد في هذا الحديث قوله: (وبالقدر خيره وشره) ، والحديث مشهور من حديث عمر رضي الله عنه في الصحيحين وغيرهما.
وفيه وجوب الإيمان بالقدر، لقوله: (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره) ، وفيه أيضاً فائدة تدل على ما تقدم من شمول التقدير لكل ما يكون في الكون وهي في قوله: (خيره وشره) فالقدر -وهو: ما يقضيه الله جل وعلا- يكون فيه خير ويكون فيه شر، قال صلى الله عليه وسلم: (وتؤمن بالقدر خيره وشره) .
وقوله صلى الله عليه وسلم: (آمنت بالقدر خيره وشره حلوه ومره) ، هذا الحديث رواه الحاكم في كتابه علوم الحديث، وهو مثال للحديث المسلسل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بلحيته وذكر الحديث، وراوي الحديث أنس بن مالك أخذ بلحيته عند حكاية قول النبي صلى الله عليه وسلم عند قوله: (آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره) ، وهكذا تسلسل هذا الوصف في الرواة، إلا أن الحديث فيه ضعف؛ لأنه من رواية يزيد الرقاشي وهو ضعيف.
وعلى كل حال فالشاهد من هذا الحديث قوله: (خيره وشره وحلوه ومره) ، وهذا يفيد ما أفاده حديث عمر رضي الله عنه في الصحيحين وفيه قوله: (وبالقدر خيره وشره) .
قال: (ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي علمه الحسن بن علي يدعو به في قنوت الوتر: (وقني شر ما قضيت) .
المقصود من سياق هذا الحديث أن القدر ينتظم الشر، فالشر صادر عن تقدير الله، وليس خارجاً عن قدر الله لعموم قول الله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر:49] وقوله: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً} [الفرقان:2] وقوله: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد:22] والآيات الدالة على أن القدر يشمل الخير والشر كثيرة.