ثم بعد أن بيَّن الواجب فيما يتعلق بالأسماء والصفات في كلام الله وفي كلام رسوله صلى الله عليه وسلم، ذكر المؤلف رحمه الله ضلال من ضلَّ، وطريق من أخل بمنهج أهل السنة والجماعة- منهج الصحابة- الذين تلقوه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال رحمه الله: (وجب الإيمان به، وتلقيه، وترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل) .
وهذه الطرق التي ذكرها رحمه الله هي أربع طرق: الرد والتأويل والتشبيه والتمثيل، وحقيقتها ترجع إلى طريقين: التعطيل والتمثيل.
فهذا التفصيل: (الرد والتأويل والتشبيه والتمثيل) ، يرجع إلى طريقين بهما يحصل الزيغ فيما يتعلق بخبر الله عن نفسه، أو خبر النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه.
الأول: التعطيل: وهو إبطال ما جاءت به النصوص؛ إما إبطالاً كلياً، أو إبطالاً جزئياً.
والثاني: التمثيل: هو أن يجعل ما أخبر الله به عن نفسه، أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم عن ربه نظير ومثل ما للمخلوق، وهذا لا شك أنه من أعظم المحرمات؛ لأنه شرك بالله عز وجل.
فالمؤلف أحسن في بيان ما يجب، حيث قال: (وجب الإيمان به، وتلقيه بالتسليم والقبول) ، ثم ذكر بعد ذلك طرق الغي والضلال والزيغ فيما يتعلق بمسائل الاعتقاد فقال: (وترك التعرض له بالرد والتأويل والتشبيه والتمثيل) .
قال ابن القيم رحمه الله في نونيته وهو يبين زيغ طريق أهل الضلال، وسلامة طريق أهل الحق قال: فالجحد والإعراض والتأويل والتـ ـجهيل حظ النص عند الجاني فذكر أربع طرق: الجحد والإعراض والتأويل والتجهيل.
وقوله: حظ النص، أي: نصيب النص، وهكذا يقابل أهل الزيغ نصوص الكتاب والسنة: إما بالجحد، وإما بالإعراض، وإما بالتأويل، وإما بالتجهيل، وكل هذا مؤداه واحد؛ وهو ترك العمل بالنص.
هذا حظ النص عند الجناة من أهل التأويل الذين خالفوا طريق أهل السنة والجماعة- طريق سلف الأمة- في معرفة ما يجب لله عز وجل، وما أخبر الله به في كتابه، أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته.
ثم قال ابن القيم رحمه الله: لكن لدينا حظ التسليم مع حسن القبول وفهم ذي إحسان وقوله: لكن لدينا أي: أهل السنة والجماعة.
فطريق أهل السنة والجماعة هو التسليم مع حسن القبول، فهو ليس تسليماً مع ضيق وضجر وقلق ورفض، بل تسليم مع حسن قبول، ولذلك قال بعد التسليم: (مع حسن القبول وفهم ذي إحسان) .
وهكذا ينبغي أن نعامل النصوص.
يقول رحمه الله: (وترك التعرض لها بالرد) ؛ والرد منه التكذيب، ومنه الإبطال.
والتأويل هو: صرف اللفظ عن ظاهره، وتفسيره بما لم يرده الله ورسوله، هذا هو التأويل، ومعنى التأويل هنا هو: تفسير النص هنا بما لم يُرده الله ورسوله.