وقوله رحمه الله: (والمؤمنون يرون ربهم بأبصارهم) يفيد حصر الرؤية في أهل الإيمان، فخرج بذلك أهل الكفر وأهل النفاق، أما أهل الكفر فلأنهم ليسوا مؤمنين لا في الظاهر ولا في الباطن، وأما أهل النفاق فلأنهم لم يحققوا الإيمان الذي به يحصل الفضل والسبق، وإن كانوا قد أتوا بالإسلام في الظاهر، لكنه لم ينفذ إلى قلوبهم فلم ينتفعوا به.
أما دليل حصر الرؤية بالمؤمنين فالأدلة في ذلك كثيرة: منها: قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة:22-23] كما ذكر المؤلف رحمه الله، فالوجوه التي بشرها الله عز وجل بالنضارة يوم القيامة هي وجوه المؤمنين ولا تكون للكفار، بل وجوه الكفار عليها غبرة ترهقها قترة.
فالوجوه الناضرة هي وجوه أهل الإيمان كما قال الله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [آل عمران:106] ، فالمسودة هي وجوه أهل الكفر، وكذلك قول الله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:26] فقد جاء تفسير الزيادة: بأنها النظر إلى الله عز وجل كما في الصحيح للإمام مسلم من حديث صهيب وفيه: (إذا دخل أهل الجنة الجنة ناداهم الله أو ناداهم مناد: إن لكم موعداً عند الله عز وجل يريد أن ينجزكموه، فيقولون: ألم يبيض وجوهنا؟ ألم يثقل موازيننا؟ ألم يدخلنا الجنة ويعيذنا من النار؟ فيقول: بلى، فيكشف الحجاب، فينظرون إلى الله عز وجل) فما يكون من نعيم الجنة شيء عندهم ألذ ولا أطيب ولا أكمل ولا أرضى من النظر إلى الله جل وعلا!!