والأصل الوزن للأعمال الصالحة والسيئة، والميزان حقيقي وليس بمعنوي، كما يقول أهل البدع، بل حقيقي له كفتان وله لسان، في إحدى الكفتين توضع الحسنات، وفي الأخرى توضع السيئات، فمن زادت حسناته على سيئاته فهو ناج ومن أهل الجنة، ومن زادت سيئاته على حسناته فهو الخاسر، وقد خاب وخسر من زادت آحاده على عشراته، فإذا رجحت كفة الحسنات فهذا يدخل الجنة، ومن زادت سيئاته على حسناته فهذا يدخل النار بقدر سيئاته، إن كان مسلماً معترفاً مقراً بالله -جل وعلا-، ثم بعد ذلك إذا عذب بقدر سيئاته إن لم تتداركه رحمة أرحم الراحمين فإنه يعذب بقدر ذنوبه، ثم يخرج منها، ويكون مآله إلى الجنة، وأما من تساوت حسناتهم مع سيئاتهم فقال جمع من أهل العلم: إنهم هم أهل الأعراف، هم أهل الأعراف، فهم قوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم، يحبسون على الأعراف، ثم يكون مآلهم إلى الجنة.
"وأقر بالميزان" المعتزلة ينكرون الميزان، والأحاديث الواردة في الميزان تفيد القطع، وكذلك ما جاء في القرآن من التنصيص على الوزن وعلى الميزان والموازين، {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [(47) سورة الأنبياء] {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ} [(8) سورة الأعراف] {وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ} [(9) سورة الأعراف] كل هذه تدل دلالة قطعية على وجود وثبوت الميزان، وينفي وينكر المعتزلة الميزان، ويقولون: إن الحسنات والسيئات معاني، والمعاني لا توزن، والله -جل وعلا- قادر على تحويل هذه المعاني إلى أعيان بحيث تكون لها أجسام بقدرها توضع في الميزان، وكلمة التوحيد في بطاقة إذا وضعت في كفة رجحت بما يقابلها، كما في حديث البطاقة: وأن شخصاً قررت سيئاته فاعترف بها، وهي في تسعة وتسعين سجلاً، فيقال: هل من حسنة؟ فيقول: لا، لا أذكر، فيقال: نعم لك حسنة، فيأتى بالبطاقة التي فيها كلمة التوحيد، فيقول: يا رب ما تصنع هذه البطاقة في مقابل هذه السجلات؟ فتوضع في الكفة الأخرى فتطيش السجلات وترجح البطاقة.
وأقر بالميزان والحوض الذي ... . . . . . . . . .