أولاً: ابن حزم -كما هو معروف- تحامل على الأئمة، ولا أعرف أني متحامل عليه في غير مسائل الاعتقاد التي دونها بقلمه وسطرها، حتى إنه تُرحم عليه في درس الشيخ ابن باز فأنكر ذلك الشيخ، أنكر ذلك، وعنده في مسائل الاعتقاد طوام، شابه الجهمية في بعض المسائل، فليس على المنهج الصحيح ولا الهدي السليم في مسائل الاعتقاد، في مسائل الفروع جمد فيها، وتبع ظاهر اللفظ، وأنكر القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد كما هو معروف عند عامة أهل العلم، والإنصاف مطلوب، يعني اطلاعه على الآثار، وشدة عمله بالسنة التي أوقعته في الاكتفاء بالظاهر، وترك القياس ونبذه، لكن يبقى أن تحامله على الأئمة أيضاً غير مقبول، كلامه في مسائل الاعتقاد غير مقبول إطلاقاً، على كل حال على طالب العلم أن ينصف، يعني إذا كان ابن حزم يقول: "وبهذا قال مالك فأين الدين؟ " "وبهذا قال أبو حنيفة ولا يساوي رجيع الكلب" هذه مشكلة هذه، تربية طلاب العلم على مثل هذه الأساليب لا شك أنها تحدث خلل عندهم، المقصود أن ابن حزم من باب الإنصاف يعني في مسائل الاعتقاد عنده ضلال كبير، وفي مسائل الفروع جمد على النص، وألغى القياس، ولا مفر ولا محيد على القياس، شاء أم أبى، ولذا يقول النووي وغيره: "ولا يعتد بقول داود؛ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد" فعلى كل حال هو له عناية بالسنة، وله عناية بالأثر، ومن شدة عنايته بالأثر ألغى الرأي والقياس؛ مع أنه استعمله في مسائل الاعتقاد، والأولى به أن يستعمله في الفروع دون مسائل الاعتقاد، وشطحاته في مسائل الاعتقاد كبيرة جداً، حتى أنه ارتكب بعض البدع المغلظة في هذا الباب، وشابه الجهمية في بعض المسائل، أما كوني أنا أتحامل عليه، أنا ما تحاملت، ما قلت أكثر مما قال، هو في القرآن يقول: "ما عندنا قرآن ولا واحد ولا اثنين ولا ثلاثة عندنا أربعة قرآنات، كل واحد يختلف عن الثاني" وهذا الكلام نقله ابن القيم في نونيته، والذي له العناية بالنونية يسمع كلام ابن القيم في ابن حزم في هذه المسألة وغيرها من المسائل.