لا شك أن القول المبني على الكتاب والسنة يكتسب صفة الثبوت واللزوم وعدم التبدل والتبديل من ثبوت نصوص الكتاب والسنة "لا ينثني عنه" هذا يعتمد على الكتاب والسنة، والنصوص ثابتة، إذاً ما أخذ منها فهو ثابت، لا سيما في هذا الباب، باب الاعتقاد الذي اتفق عليه سلف هذه الأمة، هذا لا يحصل له تغيير ولا تبديل ولا تزعزع بإذن الله، اللهم إلا إذا كان الإنسان غير راسخ في هذا الباب، ويعرض نفسه للشبهات، فمثل هذا قد يطرأ عليه التغير والتبدل.
أما من رسخ في علمه، واطلع على نصوص الكتاب والسنة، وما اتفق عليه سلف هذه الأمة، فإنه لا يتزعزع ولا يتبدل ولا ينثني عن ذلك، وقلنا: إن بعض طلاب العلم حصل عندهم شيءٌ من الانثناء والتبدل، وذلكم لعدم رسوخهم في هذا الباب، وأيضاً لاستماعهم إلى الشبه، وفتح قلوبهم لها، فليحذر الإنسان كل الحذر أن تميل به الأهواء، ويسمع من فلان وفلان غير الثقات من أهل العلم، والآن المجال مفتوح لاستماع ما يقال عنه، كل وجهة نظر، والشبه الآن غزت البيوت، في بيوت عوام المسلمين، ونسمع أسئلة من عوام لا يقرؤون ولا يكتبون في أصول العقائد، وسبب ذلك كون الإنسان يستمع لكل ناعق.
والناظم يقول:
. . . . . . . . . ... لا ينثني عنه ولا يتبدل
لأنه رسخت قدمه في هذا الباب، واستمع إلى الشبه وفندها، ولذا يقال لطالب العلم: لا تستمع لهذه الشبه، وأنت ما عندك حصانة من رسوخ قدم في العلم، لا تستمع لهذه الشبهة، فضلاً على أن تكون عامياً أو في حكم العامي، وإذا تأهل لاستماع هذه الشبه، وتفنيد هذه الشبهة لا شك أن الرد على هذه الشبه باب من أعظم أبواب الجهاد.
وقد انبرى شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- إلى شبه المبتدعة وفندها، الرازي يورد في تفسيره شبه لمبتدعة أعظم منه بدعة، أما بدعه التي يصوغها بأساليب بحيث تغزو القلوب هذا واضح، لكن كونه يورد شبه ويسميها شبهة ويحاول الإجابة عنها تجده في إيراده للشبه يجليها ويوضحها بحيث يجعلها مثل الشمس، ثم يرد عليها بردٍ ضعيف، فإذا التصقت وتمكنت من قلب القارئ ما وجد لها منازع، ولذا يحذر من قراءة تفسيره إلا لعالم متمكن راسخ لكي يرد عليه.