"يا سائلي" والسائل اسم فاعل مضاف إلى ياء المتكلم "عن مذهبي وعقيدتي" المذهب في الغالب يطلق على المذهب الفرعي، فيقال: هذا مذهب أبي حنيفة، وهذا مذهب مالك، وهذا مذهب الشافعي، وهذا مذهب أحمد، وهذا مذهب سفيان، وهذا مذهب الأوزاعي، وهذا مذهب الظاهرية، وهذا مذهب الزيدية ... إلى آخره، في الغالب يطلق على الفروع، ويدل عليه العطف، عطف العقيدة على المذهب "يا سائلي عن مذهبي وعقيدتي" فالمذهب في الفروع، والعقيدة في الأصول، هذا هو الذي يعنيه ظاهر اللفظ، لكن حقيقة النظم هل أجاب الناظم عن مذهبه الفرعي؟ لا، ما أجاب عن مذهبه الفرعي، وإنما أجاب عن عقيدته؛ فالمذهب هنا ما يُذهب إليه في مسائل الاعتقاد، ويقال به، ويصار إليه، ويكون عطف العقيدة على المذهب من باب عطف الشيء على نفسه؛ لاختلاف اللفظ، ومذهبه الفرعي في أول الأمر الحنبلي؛ فشيخ الإسلام -وهذا الكلام كله على سبيل التنزل- أن هذه الرسالة لشيخ الإسلام، وهذه المنظومة لشيخ الإسلام، وإلا فنسبتها إليه لا يدل عليها دليل قطعي، إنما هي مجرد قرائن، يعني وجودها بين رسالتين لشيخ الإسلام يعني في المخطوطات، المخطوطات التي وجدت لهذه المنظومة قبلها رسالة لشيخ الإسلام، وبعدها رسالة لشيخ الإسلام، فهي من بين مؤلفاته وجدت فنسبت إليه، وعلى كل حال الكلام الذي فيها حق.
إذا قلنا: إنها لشيخ الإسلام فمذهبه الفرعي هو مذهب الإمام أحمد في الأصل، وتفقه عليه، وتخرج على كتب أصحابه، ثم بعد ذلك اجتهد وخلع ربقة التقليد، فصار يعمل بالنصوص بالكتاب والسنة، ولذا تجد الفرق بين شرحه للعمدة وبين كلامه وفتاواه المتأخرة، فرق كبير يعني تقرأ في شرح العمدة لشيخ الإسلام كأنك تقرأ لفقهاء الحنابلة من بيان الروايات والوجوه والتعليلات، كأنك تقرأ للمتقدم، وأما مؤلفاته المتأخرة تجد كلاماً مستقلاً.