وهو يحتمل أن يكون من الفرح، وأن يكون من الحزن، ولكنّه هنا من الحزن أقرب؛ لأنه جاء في سياق شدة السَّهَر، صاحٍ: صحا يصحو من سكره، فهو صاحٍ، الخمر: معروف، والكرا: تقدَّم، الثمل: السكران.
الإعراب: والركب: الواو للابتداء، والركب مبتدأ، ميل: خبره، من طرب: جار ومجرور، وطرب اسم فاعل هنا مكسور الراء، وليس هو مصدر بفتح الراء؛ لأنه لو كان مصدرا لفسد المعنى، وكان الجار والمجرور مفعولاً من أجله، وكان قوله وآخر من خمر الكرى، معطوفا على غير شيء، صاحٍ: مجرور على أنه صفة لطرب، وآخر: عاطف ومعطوف، من خمر: جار ومجرور ومضاف إليه، ولم تظهر الكسرة في المضاف لأنه مقصور، والجار والمجرور متعلق، ومن هنا لبيان الجنس، ثمل: مجرور على أنه صفة لآخر، والبيت بمجموعه في موضع النصب على الحال، كأنه قال: طردت الكرا عن سرح مقلته في حالة إغراء النوم بالمقل، وفي حالة ميل الركب على ظهور مطيهم (?).
المعنى: نادمته وحادثته والرفاق قد مالوا على مطاياهم بين صاحٍ من النوم، وبين ثملٍ من الكرى، وهذا دليل على أنهم كانوا في أخريات الليل، وفي ذلك الوقت يكون بعضهم قد صحا من خمر النوم، والآخر في نشوته يميل يمنة ويسرة.
قال ابن صردر (?): (من السريع)
قلتُ وهم من نَشواتِ الكرى ... موائلٌ كالسُّجَّد الرّكَّعِ
حُثُّوا مطاياكم فكم غاية ... قد بُلَغَتْ بالأينق الظُّلّعِ
وقال بديع الزمان الهمذاني (?): (من الطويل)
لك الله من جوبٍ / أجوب جيوبه ... كأني في أجفان عين الردى كحل [31 ب]
كأن الدجى نقع وفي الجو حرمة ... كواكبها جند طوائرها رسل
كأن مطايانا سماء كأننا ... نجوم على أقتابها برجها الرحل
كأن السرى ساقٍ كأن الكرى طلا ... كأنا لها شرب كان المنى نقل