يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين} [يس: 59, 60]، فهؤلاء المجرمون إنما عبدوا الشيطان بطاعته، فإنَّ أكثرَ الأُمَمِ في الواقع لا تقصد عبادة الشيطان، وإنما عَبَدَت الشيطانَ بطاعته.

وقال إبراهيم عليه السلام: {يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا} [مريم: 44].

فعلم بهذا أنَّ طاعةَ الشيطانِ هي نوعُ عبادةٍ له، وهي تختلف كما ذكرتُ.

إذاً؛ فالتألُّه لله والتعبُّد له يقتضي طاعتَه ومحبتَه وخوفَه ورجاءَه وإفرادَه بذلك.

وعلى هذا فعبدُ الله على الحقيقة هو الذي يُفرِدُ ربَّه بالطاعة، ولا يطيع إلا مَن أمره الله بطاعته من الرُّسُلِ، كما قال تعالى: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} [النساء:80]، ويقول نوح عليه السلام لقومه: {أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون} [نوح:3]، وكلُّ مَن أمر اللهُ بطاعتِه، فطاعتُه هي طاعةٌ لله، في حدودِ ما أمر الله به من طَاعته.

فالعبودية تقتضي كمال الطاعة، وكمال الحب والذُّل والإجلال، وما يتبع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015