الشرح

وَالله مَا يَنْجُو غَداً مِنْ عَذَابِ الله إِلاَّ مَنْ حَقَّقَ عُبُودِيَّةَ اللَّهِ وَحْدَهُ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ مَعَهُ إِلى شَيْءٍ مِنَ الأَغْيَارِ.

مِن عَلِمَ أَنَّ إِلَهَهُ وَمَعبُودَهُ فَردٌ، فَلْيُفرِدهُ بِالعُبُودِيَّةِ، ولا يُشرِك بِعِبَادَةِ ربِّهِ أَحَدَاً.

Qتقدم تقرير أن كلمةَ التوحيد «لا إله إلا الله» مدلولها أنَّ الإلهَ الحق هو الله سبحانه وتعالى، وأنَّه وحدَه المستحقُّ للعبادة، فهو سبحانه الذي يستحق أن يُؤلَه -يعني: يُعْبَد- وحده لا شريك له، فيُعْبَدُ خوفاً ورجاءً وتوكُّلاً ورغبةً ورهبةً واستعانَةً، وكلُّ أنواع العبادة الظاهرة والباطنة هو المستحق لها سبحانه دون من سواه.

وهذه الأعمال يتفاضل فيها الناس؛ فإنَّ الإيمان يزيد وينقص، فأعمال القلوب وأعمال الجوارح تزيدُ وتنقصُ تَبَعاً لذلك، ولذلك كان الناس أصنافاً؛ فمنهم السابقون بالخيرات، ومنهم المقتصدون، ومنهم الظالمون لأنفسهم، كما قال تعالى: {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} [فاطر:32].

إذن فالعِبَادُ متفاضلون في إيمانهم وفي طاعتهم وفي سائر أنواع العبادة تفاضلاً لا يعلم مداه إلا الله الذي يعلم ما في القلوب، ويعلم ما يُسِرُّه العِبَادُ وما يُعلِنُون.

وأيضاً فهناك الذنوبُ التي تُنْقِصُ التوحيدَ والإيمانَ، ولهذا جاء في بعض النصوص - كما تقدَّم- تسميةُ بعض الذنوب «كُفْراً»، وفي بعضها «شِرْكاً»، فكما أنَّ شعبَ الإيمانِ إيمانٌ فإنَّ شُعَبَ الكُفْرِ كُفْرٌ، بمعنى أنها من الكفر، كما قال صلى الله عليه وسلم: «اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ: الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ، وَالنِّيَاحَةُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015