فـ «اتباع الهوى» مصدرٌ لكثيرٍ من الذنوب، حتى الشرك إنما يصدر عن اتباع الهوى، كما قال الله تعالى في المشركين: {أفرأيتم اللات والعزى - ومناة الثالثة الأخرى - ألكم الذكر وله الأنثى - تلك إذًا قسمة ضيزى - إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس} [النجم: 19 - 23]
فـ «اتباع الهوى» مصدرٌ للذنوب؛ كبيرِها وصغيرِها، ولهذا جاء في القرآن إطلاق اسم «الإله» على الهوى، وأنَّ من الناس مَن اتخذ إِلهه هَوَاهُ، فجَعَلَ معبودَه هو الهوى، فمن بلغ به الأمر إلى أن يستَحِلَّ ما يهواه، ويترك ما لا يهواه بإطلاق، فإنَّه يخرج عن الإسلام بهذا، وأما المخَلِّط من المسلمين فتَجِدُه يَتَّبِع هواه في أشياء ويخالف هواه في أشياء، أما من هو متبع لهواه بإطلاق فهذا معناه أنه لا يُحِلُّ حَلالاً، ولا يُحَرِّمُ حَرَاماً، ولا يؤدِّي فريضة، بل ولا يؤمن بالله، قال تعالى: {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله} [الجاثية:23] هذه صفة الكافرين الذين قال الله فيهم: {طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون} [النحل:108]، وقال سبحانه وتعالى: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم} [البقرة:7].
فكيف -مع هذه النصوص المستفيضة- يُقال بأنَّه يكفي العبد في دخول الجنة والنجاة من النار أن يقول «لا إله إلا الله»، ولا يفعل شيئاً من أداءِ واجبٍ أو اجتنابِ محرَّمٍ، ولا يقوم بقلبِه شيءٌ من محبَّة الله عز وجل ومحبَّةِ رسوله صلى الله عليه وسلم، هذا من أبطل الباطل، ومن اتباع الهوى، ومن الجهل العظيم، إذ كيف يؤخذ بظاهر هذه النصوص وتُهْدَر دلالة سائر النصوص؛ نصوص الوعيد، ونصوص النهي عن كثير من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة، فإنَّ الذنوبَ منها ذنوبٌ قلبِيَّةٌ، وذنوبٌ عَمَلِيَّةٌ، وذنوبٌ قَولِيَّةٌ.
فأعمالُ القلوب وأعمالُ الجوارح وأقوالُ اللِّسان كلُّها تجري فيها الأحكام من حلالٍ وحرامٍ.