لا يَأْلَهُ إلا الله؛ حُبَّاً، وخوفاً، ورَجَاءً، وتَوَكُّلاً، ورَغْبَةً، ورَهْبَةً، فلابد من التحَقُّق بهذه المعاني.

وهذه المعاني -كما تَقَدَّم- تُوجِبُ أفعالاً وتُرُوكاً، فتقتضي المبادرة إلى فعل المأمورات، واجتناب المحرمات، ولا يكون الإنسان محَقِّقَاً لهذه الكلمة إلا إذا تحَقَّقَ بهذه المعاني، فحَقَّقَ تَأَلُّهَهُ وعُبُودِيَّتَهُ لله.

إذًا هذا التَّأَلُّه والتَّعَبُّدُ ليسَ على مرتبةٍ واحدةٍ، فلابد لتحقيق التوحيد من اجتناب المعاصي، بل لابد من اجتناب الشركِ كُلِّه، الأكبرِ والأصغرِ.

أما «الشرك الأكبر» وهو عبادةُ غيرِ الله مع الله، ودعاءِ غيرِه واتخاذِّ النِّدِّ له، فهذا مناقضٌ لأصل التوحيد ولهذه الكلمة العظيمة.

وأما ما دونه من أنواع «الشرك الأصغر» فإنه يناقض كمال التوحيد الواجب، كما في الأمثلة التي ذكرها المؤلِّف.

فهناك أنواعٌ من الذنوب جاء النصُّ بأنها من «الشرك»؛ كالرياء، والحلف بغير الله، وتسوية المخلوق بالله في المشيئة، كقول القائل: ما شاء الله وما شئتَ، أو: هذا من الله ومنكَ، أو: لولا الله وأنتَ، وكالإفراط في حُبِّ المحبوبات الطبيعية، مثل: المال، والولد، وسائر أعراض الدنيا، فهذه المحبوبات الطبيعية إذا أفرط الإنسان في حبها، فصار يرضى لوجودها ويسخط لعدمها، إذا أُعْطِيَ منها رَضِيَ وإذا لم يُعْطَ منها سَخِطَ = صار قلبُه مُعَبَّدَاً لها.

ثم ذكر المؤلِّف -رحمه الله- أنَّه قد دلَّت الأدلَّة على أن كُلَّ الذنوبِ التي مصدرها من اتباع الهوى قد ورد فيها إطلاق اسم «الكفر» واسم «الشرك»، وإن كانت هذه الذنوب لا تُخرِج من الملَّة، ولا تُوجِب الردَّة، لكنها -ولا شك- تدل على نقص التوحيد وضعف الإيمان.

فلابد إذاً لتحقيق مقتضى هذه الكلمة «لا إله إلا الله» لتكون عاصمةً من دخول النار وموجبةً لدخول الجنة = من اجتناب كل ما ينافي تحقيق التوحيد، وينافي كماله، من أنواع الشرك والكفر.

والمقصود بـ «الشرك» هنا: الشرك الأصغر، أما الشرك الأكبر فإنه مناقضٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015