فقد يظن بعضُ النَّاس أنَّه بمجرَّد قيامِه بعملٍ من هذه الأعمال أنه يدخل الجنة، أو تكون له حجاباً من النار، ولو اقترف من الذنوب والمعاصي ما اقترف، ولا شك أن هذا فهمٌ خاطئٌ لهذه النصوص.
فنصوص الوعد ضَلَّ بها المرجئة، وضَلَّ بها أيضاً جهلة العصاة من أهل السنَّة، فأخطؤوا في الفهم، ولَبَّس عليهم الشيطان، وزَيَّنَ لهم أن ما يقومون به من أعمال صالحة أنها تَعصِمُهم من الوعيد المرَّتب على معاصيهم.
فمن سوء الفهم مثلاً ظَنُّ بعض الناس أنَّه إذا صَلَّى الجمعة، فإنَّ صلاته تكفِّرُ عنه ما بينها وبين الجمعة الأخرى وفَضلِ ثَلاثة أيام، كما جاء في الحديث الصحيح (?)، وهذا حقٌّ ولكن ليس كما يظن هذا الجاهل أن صلاته الجمعة تكفيه عن أداء بقية الصلوات، وتوجب له مغفرة ما يقترفه من كبائر الذنوب.
فأحاديث الوعد بمغفرة الذنوب المرتَّبِ على الأعمال الصالحة هي محمولةٌ عند أهل العلم على مغفرة الصغائر دون الكبائر، كما جاء النص بذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «الصَّلَوَاتُ الخَمسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَينَهُنَّ مَا اجتُنِبَتِ الكَبَائِرُ» (?)، وفي الحديث الآخر: «مَا مِنِ امرِئٍ مُسلِمٍ تَحضُرُهُ صَلاَةٌ مَكتُوبَةٌ، فَيُحسِنُ وُضُوءَهَا، وَخُشُوعَهَا، وَرَكُوعَهَا، إِلاَّ كَانَت كَفَّارَةً لِمَا قَبلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ، مَا لَم يُؤت كَبِيرَةً، وَذَلِكَ الدَّهرَ كُلَّهُ» (?).
فالذي يظن أنَّ محافظتَه على الصلوات، أو إتيانَه بالعمرة يُكَفِّر عنه ما يقترفه من كبائر الذنوب؛ من الزِّنا، وشرب الخمر، وأكل الربا، وعقوق الوالدين، وما أشبه ذلك = لا شك أنَّه مغرورٌ مَخدوعٌ، وهذا من الجهل