«أدخله الله الجنة على ما كان من العمل» (?)، قد قيل في معناه: يعني من حيث الدرجات، فيُسكِنُه الله الدَّرجةَ التي يستحِقُّها بعمَلِه.

فمن فضل التوحيد أنَّه يحصل به الأمان، فمَن قال كلمة التوحيد وكان محقِّقَاً لها فله الأمنُ من عذاب القبر ووحشته، ومن الفزع يوم الفزع الأكبر كما قال تعالى: {من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون} [النمل:89]، فـ «الحسنة» هنا هي: لا إله إلا الله (?).

لكن ليس المقصود هو مجرَّد التلفُّظ بها، فالعصاة المسرفون على أنفسهم يحصل لهم من الفزع والخوف يوم القيامة بحسب حالهم وذنوبهم، وينالهم من العذاب ما شاء الله بحسب ذلك، لكن الذي يفوز بالأمن {وهم من فزع يومئذ آمنون} هو من جاء بالتوحيد وجاء بالإيمان ولم يَخْلِطْه بظلمٍ {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}، وقد فَصَّل شيخ الإسلام ابن تيمية في كلامه على هذه الآية ما يُفهم به المراد (?).

فإنَّ الظلمَ أنواع:

النوع الأول: الظلم في حق الله، ولا يقال: ظلم الله، فإنَّ العباد لا يظلمون الله {وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} [البقرة:57، الأعراف:160]، لكن الظلم يكون في حق الله، ويكون ذلك بالشرك الأكبر، وهذا النوع من الظلم ينافي الأمن والهدى مطلقاً، فلا أمن ولا هدى لمن لَبَسَ إيمانَه بالشرك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه رضي الله عنهم لما نزلت هذه الآية وشق ذلك عليهم وقالوا: أيما لم يظلم نفسه؟، قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: «ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح: {إنَّ الشرك لظلم عظيم} [لقمان:13]» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015