لموسى عليه السلام أنَّ الله كلَّمَه بلا واسطة، ولكن لفظة «كفاح» تشعر بالرؤية، وهذا المعنى من قَصَدَه فهو غَالِطٌ ومخطيءٌ، والمؤلِّف -قَطعَاً- لا يريد ذلك، فإنه لا يمكن أن يريد بقوله: «كفاحاً» أنَّ الله كَلَّم موسى من غير حجاب، بل كَلَّمَه مَن وراء حجاب.
وقد جاء في شأن عبد الله بن حرام رضي الله عنه -والد جابر رضي الله عنه- الذي استُشهِدَ في وقعة أحد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابنه جابر: «أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِي اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ؟»، فقال: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَداً قَطُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحاً» (?)، فقوله هنا: «كَلَّمَه كِفَاحَاً» يعني أنَّه كَلَّمَه من غَيرِ حِجَابٍ، وهذا في عالم الآخرة، وليس في عالم الدنيا.