{واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا} [الطور:46]، {تجري بأعيننا} [القمر:14] وقد قيل في معنى هذا: يعني على مرأى منَّا، فهو سبحانه يسمع ويرى {إنني معكما أسمع وأرى} [طه:46]

وكذلك اسمه «العليم»، فهو سبحانه يعلم كل شيء، وعلمه شامل لكل شيء، فيعلم السر وأخفى، ويعلم ما في الصدور كما قال تعالى: {إن الله عليمٌ بذات الصدور} [آل عمران:119]، وقال: {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} [غافر:19].

ففي هذه القصص التي ذكرها المؤلِّف مُعتَبَر، فالإنسان قد يغفل كما جاء في قصة ذلك الرَّجل الذي خلا مع تلك المرأة وأمرها أن تغلق الأبواب وقال لها: هل بقي باب؟ قالت: نعم، بقي الباب الذي بيننا وبين الله، فتأثَّر بذلك وخاف من ربِّه فقام وتركها.

وهكذا يكون الإيمانُ الصادقُ، فإنَّ الإيمانَ يبعث على مراقبة الله ولو كان المرءُ غائباً عن الناس، فتجده لا يراه أحدٌ من الناس ومع ذلك يَكُفُّ عن الحرام وعن الكَسْبِ الحرام، فقد يظفر بمالٍ يقدر على أن يختلسه من غير أن يَطَّلِع عليه أحدٌ، ويأمن -مع ذلك- على نفسه، ولكن يمنعه من اختلاسه خوفه من الله تعالى.

ومن ذلك ما جاء في حديث السَّبعة الَّذين يُظِلُّهم الله في ظِلِّه يومَ القيامة، ومنهم: «رجلٌ دَعَتْهُ امرأةٌ ذاتُ منْصِبٍ وجمالٍ، فقال: إني أخاف الله» (?).

وأعظم مَثَلٍ لهذا نبيُّ الله يوسف عليه السلام، فقد اجتمعت عليه كل أسباب الوقوع في الفاحشة، فهو مملوكٌ رقيقٌ غريبٌ شابٌّ عَزَبٌ، وسيدته هي التي تدعوه لمطلوبها، ومع ذلك يَفِرُّ منها، {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين} [يوسف:24]، فلم تكن له حيلةٌ إلا أن يَفِرَّ إلى الباب ليَخرُج ليَسْلَم من الوقوع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015