حكمة الله تعالى تقتضي أن يقول لِوَلِيِّه: (اعمل ما شئتَ فقد غفرتُ لكَ)، وهذا نظير ما قاله سبحانه وتعالى لأهل بدر: (اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم) (?)، لكن لا يُجزم بنسبة هذا القول إلى الله تعالى في أحدٍ إلا بنقلٍ صحيحٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، لكنَّه ممكِنٌ.
ولهذا نجزم أنَّ الله تعالى قال لأهل بدرٍ: (اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم) لثبوت خبره صلى الله عليه وسلم بذلك.
ومعلوم أن هذا ليس إذناً باقتراف الذنوب، ولكنه وعدٌ بالمغفرة إن بُلِيَ العبدُ بشيءٍ من الذنوب.
وهكذا قول الشعبي: (إِذا أحبَّ الله عبداً لم يَضُرَّه ذنبُه) يجب حمله على أنه لا بد أن يوفق للتوبة أو غيرها من أسباب المغفرة كما بَيَّن ذلك ابنُ رجبٍ في سياق كلامه التالي.
هذا وللمغفرة أسبابٌ (?)، أعظمها التوبةُ والاستغفارُ والأعمالُ الصالحة والمصائبُ، فمن كان من أولياء الله وابتلي بشيءٍ من الذنوب فلا بُدَّ أن يُعَرِّضَه الله لهذه المكفرات.
ومن شواهد التكفير بالمصائب قولُه صلى الله عليه وسلم: «الحمَّى تُذهِبُ الخطايا كما يُذهِبُ الكِيرُ الخبَثَ»، ومن شواهدها أيضاً قصةُ ذلك الرَّجل الذي راودَ المرأةَ وجَرَى عليه بسببِ ذلك أن أُصِيبَ بِشَجَّةٍ في وجهِه فكان في ذلك إيقاظٌ له حتى يرجعَ إلى ربِّه وينيبَ ويُقلِعَ عن ذنبِه.