Qهذا الكلام فيه أنه ليس المراد من الكلام في تحقيق التوحيد أو صدق المحبة أن يكون الإنسان معصوماً لا يقترف ذنباً، بل المقصود ألاَّ يُصِرَّ على الذنب، وإلا فليس أحدٌ من أولياء الله -بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم- معصوماً، فتجوز على الكُمَّل من أولياء الله الذنوب، لكنَّ أهلَ الإيمان الصادق لا يُصِرُّون على الذنوب، بل كما قال سبحانه وتعالى: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} [الأعراف:201].
فهم يذنبون فيتوبون، والتوبة بابٌ واسعٌ مفتوحٌ للعباد، فكل من أذنب ذنباً فإنَّه لا يضيق به هذا الباب، فله أن يتوب إلى الله ويبادر {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم} [التحريم:8]، وقال سبحانه: {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور:31].
والتوبة من أعلى مقامات الدين، وقد أثنى الله بها على الرُّسل فقال سبحانه: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم} [التوبة:117].
فالمقصود أن على العبدِ أن يتوَجَّه إلى ربِّه ويصدق في مراقبته، فإذا عصاه بادر إلى التوبة، وأن يستحضر أنَّ الله مطلعٌ عليه، وأنَّه على كلِّ شيءٍ شهيدٌ، فعليه أن يحذر أن يراه حيث نهاه وأن يفقده حيث أمره.
وأعلى مقامات الدِّين «الإحسان»، وهو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
فالمقصود أنَّ هذا الكلام الذي نَبَّه عليه المؤلف كلامٌ طَيِّبٌ؛ فليس من شرط الولاية العصمة، فأولياء الله تَعْرِضُ لهم الذنوب، لكن يتوبون ويُنيبون ويُبادرون بالتوبة إلى الله، خوفاً من الله ومحبة له ورجاء لثوابه.
وأما قول زيد بن أسلم: (إنَّ الله ليُحِبُّ العبدَ حتى يبلُغَ من حُبِّه له أن يقول: اذهبْ فاعمَلْ مَا شئتَ فقد غَفَرتُ لكَ) - إن صحَّ عنه - فمعناه أن