يُحبُّون ربهم ويخافونه ويرجونه، فهم يَنعَمُون بمحبَّته، ويَنعَمون بخوفِه ورجائِه؛ لأنهم يخافون منه ويَفِرُّون إليه، وفي الحديث: «لا مَلجَأ ولا مَنجَى منك إلا إليك» (?).
ثم ذكر المؤلِّف -رحمه الله- أنَّ محبة الله نارٌ تخافها نار جهنم، ثم أردف هذا القول المنْكَر بهذا الحوار المفتَرَى، وهو أنَّ نارَ جهنَّم تقول لربها عَزَّ وَجَلَّ: لو لم أُطِعكَ فبِأيِّ شيءٍ تعذِّبُني؟ قال: أُعَذِّبُكِ بنارِي الكُبرَى؛ نارِ مَحَبَّتِي.
وهذا كلامٌ منكرٌ، لا أظنُّه يَصِحُّ عن الجُنَيدِ -رحمه الله-، فالجنيد قد أثنى عليه شيخ الإسلام ابن تيمية (?)، وابن القيم (?)؛ فمستبعدٌ أن يَثْبُتَ عنه ذلك.
فنار الله الكبرى هي التي يعذِّب بها الكفار، كما قال تعالى: {سيتذكر من يخشى - ويتجنبها الأشقى - الذي يصلى النار الكبرى - ثم لا يموت فيها ولا يحيى} [الأعلى:10 - 13].
فهذه الألفاظ إنما يطلقها العُشَّاق، فإنَّ الواحد منهم يتكلَّم فيقول: في قلبي نارٌ من حُبِّ فلانٍ أو فلانةٍ، نعم يجدون ناراً ويجدون أَلَمَاً ويتعذَّبُون ويشقون شقاءً، أما أهل الإيمان وأهل العلم بالله والحب لله فليسوا كذلك، بل هم في نعيمٌ من تلكم المحبة كما دلت عليها النصوص.