هَذَا مِيرَاثٌ وَرِثَهُ المُحِبُّونَ مِن حَالِ الخَلِيلِ عليه السلام.
Qفي هذه الجملة تنبيهٌ إلى أنَّ أصحابَ القلوب السليمة -وهم عبادُ الله المخلَصون- يصيرون إلى الجنَّة من أول وَهْلَة، ولا ينالهم شيءٌ من العذاب، ولا تمسهم النَّارُ بحرِّها وإن ورَدُوها، والله تعالى يقول: {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا - ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا} [مريم:71 - 72].
وهذا «الورود» قد اختلف العلماء في معناه:
فقيل: إنه العبور على الصراط، فهو -على هذا القول- ورودٌ فقط من غير دخول.
وقال بعض المفسِّرين -ويشهد له حديث جابر الذي ذكره المؤلِّف-: إنه ما من مؤمنٍ ولا فاجرٍ إلا دخل النَّار، لكن المؤمنون لا ينالهم حرُّها، ولا يضرهم عذابُها، بل تكون عليهم برداً وسلاماً، فيجوزون، كما في الحديث: «تَقُولُ اَلنَّارُ لِلمُؤمِنِ: جُز، فَقَد أَطفَأَ نُورُكَ لَهَبِي».
فالمقصود أنَّ «الورودَ» قيل: إنَّه دخول النار {وإن منكم إلا واردها}، وقد رجَّح هذا المعنى شيخُنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- في «أضواء البيان» (?)، واستشهد له بأن «الورود» في سائر مواضعه يراد به: الدخول، كما في قوله تعالى: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون} [الأنبياء:98] يعني: داخلون، فسمَّى الدخولَ وُرُوداً، وقوله تعالى: {فأوردهم -يعني أدخلهم- النار وبئس الورد المورود} [هود:98].