واعلم أن الشرك خفي جداً وقد خافه خليل الرحمن وأمام الحنفاء كما حكي الله عنه: {واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} [سورة إبراهيم، الآية: 35] . وتأمل قوله:} واجنبني {ولم يقل: "وامنعني" لأن معنى اجنبني أي اجعلني في جانب عبادة والأصنام في جانب أي إجعلني في جانب عبادة والأصنام في جانب، وهذا أبلغ من أمنعني لأنه إذا كان في جانب وهي في جانب، كان أعد، وقال ابن أبي مليكة: "أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه" (?) وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لحذيفة ابن اليمان: "أنشدك الله هل سماني لك رسول الله صلى الله عليه وسلم مع من سمى من المنافقين"
مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم
بشره بالجنة ولكنه خاف أن يكون ذلك لما ظهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أفعاله في حياته، فلا يأمن النفاق إلا منافق، ولا يخاف النفاق إلا مؤمن، فعلى العبد أن يحرص على الإخلاص وأن يجاهد نفسه عليه قال بعض السلف "ما جاهدت على الإخلاص" فالشرك أمره صعب جداً ليس بالهين ولكن الله ييسر الإخلاص على العبد وذلك بأن يجعل الله نصب عينيه فيقصد بعمله وجه الله.