الأمر الثاني: أن الأولين يدعون مع اللهِ أُنَاساً مقرَّبين عند الله؛ إما أنبياء وإما أولياء وإما ملائكة، أو يدعون أحجاراً أو أشجاراً مطيعةً لله ليست عاصية، وأهلُ زماننا يدعون مع اللهِ أُناساً من أفسق الناس، والذين يدعونهم هم الذين يحكون عنهم الفجور من الزنا والسرقة وترك الصلاة وغير ذلك؛ والذي يعتقد في الصالح أو الذي لا يعصي مثل الخشب والحجر أهون ممن يعتقد فيمن يُشاهد فسقه وفساده ويشهد به.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تبيَّن له الفرق بين شرك أهل زماننا وشرك الأولين) يعني أن شرك أهل زماننا أعظم وأكبر وأَطَم، وإنما ضلوا بتركهم القرآن والإعراض عنه والتفهم والتدبر (ولكن أين من يفهم قلبُه هذه المسألة فهماً جيداً راسخاً؟!) لينجو من الجهل، ولا يظن أن المراد أنهم قوم كانوا فبانوا. وفي الحقيقة إن كانوا وبانوا فقد أعقبوا من هو شرٌّ منهم بكثير (والله المستعان) .
(الأمر الثاني) تقدم الأمر الأول الذي صار به المشركون الأولون أعظم شركاً من أهل زماننا (أن) المشركين (الأولين يدعون مع الله أُنَاساً مقربين عند الله: إما أنبياء وإما أولياء وإما ملائكة) أو صالحين (أو يدعون أحجاراً أو أشجاراً مطيعة لله ليست عاصية) الكائنات كلها مطيعة لله {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} (وأهل زماننا يدعون مع اللهِ أناساً من أفسق الناس) بل منهم من يدعو أُناساً من أكفر الناس، بل بعضهم أكفر من اليهود والنصارى؛ كالذين